دراسة جديدة عن الدب السوري الذي عاود الظهور في لبنان!
أشار الصحافي البيئي مصطفى رعد في دراسة نشرها في موقع “scientificamerican” عن “الدب البني السوري”، الى أنه ” مرّ 61 عامًا على انقراض الدب البني السوري من البرية اللبنانية، والذي يُعَد إحدى سلالات الدببة البنية، واسمه العلمي Ursus arctos syriacus، إلا أن الأخير عاد وظهر مجددًا في جرود (أرض جرداء تابعة لبلدة عرسال، وتقع على بُعد 122 كلم شمال شرق بيروت، وهي بلدة مستقرة على أطراف السلسلة الشرقية لجبال لبنان على الحدود مع سوريا) في أواخر شهر كانون الأول 2019 وكان عدد من مقاطع الفيديو قد كشف عن أن أعدادًا قليلة من هذا النوع من الدببة لا تزال تعيش في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، وفي شمال العراق أيضًا”.
ولفت الى أن “آخر مقاطع الفيديو التي التقطت صورًا لهذا النوع النادر من الدببة المفترض انقراضها، كان مقطعَ فيديو جديدًا التقطته عدسة حسان عياش، الأكاديمي المتخصص في علم الاقتصاد، والذي يهوى تصوير الحياة البرية، ويُظهر ديسمًا (صغير الدب) وهو يتجول وحده في حقل زراعي، طارحًا التساؤل عن عدم ظهوره بصحبة والدته في الفيديو ذاته؛ إذ على ما يبدو أنه ضل طريقه عنها”.
وأشار الى أن “الفيديو الذي صورته جاء بالصدفة في 22 كانون الأول 2019”.. يقول “عياش”، في حديث إلى “للعلم”، مضيفًا أنها “ليست المرة الأولى، فقد شاهدته في عام 2014 في المكان ذاته، وتابعت مراقبته في الفترة من شهر أكتوبر حتى شهر كانون الأول من كل عام، بالإضافة إلى أنني رصدت دبًّا آخرَ في بلدة نحلة- أرض جرداء تابعة لبعلبك في العام 2016″. وتقع بلدة نحلة شمالي شرق بعلبك، وتبعد عنها نحو ستة كيلومترات”.
وتابع، “”عياش” الذي يصف مشاهداته الفضولية بالمرعبة، كان سببها قدرته على الاقتراب من ذلك الدب الصغير، الذي تبيَّن فيما بعد أنه لم يكن بمفرده، وهو المشهد الذي لم يستطع المنظار الليلي العسكري توثيقه”.
وأردف، “يشير “عياش” إلى أنه شاهد فيما بعد جهيزة (أنثى الدب) كبيرة يبلغ حجمها حجم ثلاثة كلاب كبيرة، وإلى جانبها دبان صغيران متوسطا الحجم، يبلغ حجم كلّ واحد منهما -وفق قوله- حجم كلب كبير، وكانت ألوانهما تميل إلى البني الداكن والأسود؛ إذ كانوا يحفرون بمخالبهم البيضاء قرب الأشجار التي تغطيها الثلوج، محاولين الوصول إلى ثمار الفاكهة التي سقطت عن الأغصان”، لافتًا إلى أن “أنثى الدب كانت نحيلة وعظامها بارزة بشكل واضح، نظرًا للجوع وصعوبة الحصول على طعام في هذه المرتفعات الجرداء على الحدود اللبنانية السورية”.
واوضح ، “كان قد جرى تسجيل “مسارات الدب البني في الثلج في جبال لبنان الشرقية في عام 2004 لأول مرة منذ اختفائه عن الأنظار قبل حوالي خمسة عقود، كما تم تسجيل مساراته مرةً أخرى في شباط 2011 في المكان ذاته”، يقول هاني الشاعر -المدير الإقليمي للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)، مكتب غرب آسيا- في حديث إلى “للعلم”، مضيفًا أنه “جرى التعرُّف على الدب البني السوري لأول مرة في لبنان في عام 1828 في جبل المكمل (أعلى جبال لبنان) في بشري -يبعد 130 كلم عن بيروت- ولكن التغييرات التي حدثت في بيئته -بالإضافة إلى الصيد المفرط- أدت بهذا النوع إلى الانقراض بعد مرور أكثر من 100 عام على اكتشافه للمرة الأولى، وكان قد شوهد للمرة الأخيرة في لبنان في العام 1958، إذ لم يظهر بعدها”.
ويقول “الشاعر” إن هناك ذكرًا وأنثى من هذه السلالة ما زالا يعيشان في إحدى المحميات في عاليه- 17 كم عن بيروت، ولكن لم تنجح حتى الآن أي محاولات للتزاوج بين الدبين.
وأشار الى أن “بالوو (baloo- 15 عامًا) وزوجته تيدي (teddy- 13 عامًا) كما سماهما منير أبو سعيد، الأستاذ المحاضر في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، في “مركز التعرف على الحياة البرية” في عاليه، يعيشان وحيدَين منذ أكثر من 10 سنوات في بيت صغير مُسيّج بقضبان حديدية، بعدما أحضرهما من إحدى حلبات السيرك، وذلك من أجل توفير فرصة جديدة للحياة”.
ولفت الى أن “المركز يحتوي على خمسة وثلاثين فصيلًا مختلفًا من الثدييات البرّية والطيور والزواحف، والدببة البنية، والسلاحف البرية، وحيوان الغرير، والغزال، وابن آوى، والضباع المخططة، والخنازير البرية، والطاووس، والماعز، والقطط البرية، والديك الرومي، والطيور المهاجرة، والثعلب، والصقر، والوعل، والنسر الأفريقي، ومعظمها مريضة ويتيمة، إلا أن “أبو سعيد”، يحيطها برعاية خاصة، تساعد في تحسُّن ظروف عيشها، منذ العام 1993”.
وأوضح أن “على الرغم من الظروف الجيدة التي يوفرها “أبو سعيد” للحيوانات، لم يستطع الثنائي “بالوو” و”تيدي” حتى الآن أن ينجبا دبًّا صغيرًا، ليعاودوا إطلاقه في الطبيعة، في محاولة لحماية هذا النوع النادر من الانقراض”.