في الصين.. أطول جسر بحري في العالم يفتتح قريباً
عد أيام قليلة ستمتلئ منطقة مصب نهر اللؤلؤ، التي كانت فيما مضى مجرد مسطح مائي واسع، بسيارات وحافلات تنتقل بين بر الصين الرئيسي، وهونغ كونغ، وماكاو، بواسطة أطول جسر بحري في العالم، يصل طوله إلى 55 كيلومتراً، ويُدعى جسر “هونغ كونغ تشوهاي ماكاو”.
ومن المقرر، افتتاح الجسر الذي تبلغ قيمته 20 مليار دولار والذي يربط هونغ كونغ وماكاو بمدينة تشوهاي في البر الرئيسي الصيني هذا الأسبوع، مما يمثل اكتمال أطول جسر عبور بحري على الإطلاق، بعد تسع سنوات من بدء البناء.
ومن المتوقع، أن يحضر الرئيس الصينى شي جين بينغ مراسم الافتتاح فى تشوهاي الثلاثاء، مع كبار المسؤولين من هونج كونج وماكاو، وذلك مع افتتاح الجسر أمام حركة المرور العامة، الأربعاء.
وكان من المقرر، أن يبدأ الجسر الذي يبلغ طوله 55 كيلومتراً في العام 2016، لكن التأجيل المتكرر دفع تاريخ الافتتاح إلى هذا العام.
ويُعد الجسر بمثابة عنصر أساسي في خطة الصين لمنطقة خليج أكبر تغطي 56500 كيلومتر مربع عبر جنوب الصين، وتشمل 11 مدينة، بما في ذلك هونغ كونغ وماكاو، التي تضم مجتمعة 68 مليون شخص.
ورغم أن العديد من المسؤولين بينهم المدير المساعد وكبير المهندسين في هيئة جسر هونغ كونغ تشوهاي ماكاو، غوو شينغلين، شعروا بالفخر بهذا النصب المعماري، إلا أن الجسر أثار الجدل منذ اقتراحه لأول مرة في العام 2003.
وفي وسط التوترات بين البر الرئيسي، وهونغ كونغ، وتايوان، يشير البعض إلى أن الجسر هو بناء رمزيٌ أكثر من هدف عملي، حيث يعتبره الكثيرون تجسيداً مادياً لعزم الحكومة الصينية على تعزيز نفوذها الإقليمي.
ويوضّح رئيس قسم الأبحاث الاستشارية في مجال العقارات التجارية في شركة “CBRE Hong Kong”، ماركوس تشان، أن الجسر سيمهد الطريق نحو دمجٍ إقليمي بين هونغ كونغ، والصين، وماكاو، التي عرقلتها الاختلافات القانونية، والفروقات في العملة، واللغة.
وسيؤدي الدمج في النهاية إلى نموٍ اقتصادي يهدف إلى مضاهاة قوة مناطق الخلجان المختلفة حول العالم مثل منطقة خليج سان فرانسيسكو، ونيويورك، وطوكيو.
وبالإضافة إلى الاقتصاد، سيعمل الجسر على التقليل من زمن المواصلات بين المناطق الثلاثة من ثلاث ساعات إلى نصف ساعة فقط.
وسيعزز الجسر القطاع السياحي لأنه سيمكن السياح من السفر من مطار هونغ كونغ إلى ماكاو في غضون 45 دقيقة، ويشرح تشان: “في الوقت الحاضر، يميل السياح في هونغ كونغ الذين يأتون من بر الصين الرئيسي إلى السفر جواً والبقاء لمدة يوم أو يومين للتسوق، ونادراً ما يزورون مناطق أخرى في مصب نهر اللؤلؤ.”
ولكن تعتقد المشرعة المستقلة الداعمة للديمقراطية في هونغ كونغ، كلوديا مو، أن “الجسر مضيعةٌ للمال،” فمن ناحية الربط بين البر الرئيسي وهونغ كونغ، “يوجد لدينا روابط جوية وبرية وبحرية بالفعل، فلماذا نحتاج إلى هذا المشروع الإضافي؟”
ومثل العديد من النقاد، تؤمن مو أن بناء الجسر هو هدفٌ سياسي لفرض السيطرة، في أعقاب احتجاجات هونغ كونغ المؤيدة للديمقراطية في العام 2014 التي هزت البلاد.
ورداً على الآراء التي تؤمن بتعزيز الجسر للسياحة، تقول مو إن “هونغ كونغ تفيض.. ونحن نحصل بالفعل على سياحٍ يفوق عددهم من في المملكة المتحدة بأكملها.”
ووصل عدد السياح في هونغ كونغ في العام 2016 إلى 56.7 مليون سائح، بينما استقبلت المملكة المتحدة 37.6 مليون سائح فقط.
وتشمل الانتقادات الأخرى الموجهة للجسر العديد من المخاوف البيئية، إذ جادلت مجموعاتٌ بيئية مثل “WWF” و”جمعية هونغ كونغ للحفاظ على الدلافين” أن وجود الجسر سيزيد من المخاطر التي تتعرض إليها الدلافين البيضاء.
ورغم جميع الانتقادات، ما زال الجسر بمثابة إنجاز هندسي استثنائي، إذ بُني ليتحمل زلزالاً بقوة ثماني درجات، وأعاصير قوية.
ويحتوي الجسر على 400 ألف طن من الفولاذ، أي 4.5 أضعاف الكمية المستخدمة في جسر “البوابة الذهبية” في سان فرانسسكو.
ومن إحدى مميزات الجسر الأخرى هي أن قسم منه مغمور تحت الماء، يصل طوله إلى 6.7 كيلومترات، وفقاً لغوو.