قفزة مفاجئة بالمخزون الأميركي تضغط على الأسعار و”برنت” يعود إلى التراجع
تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الأربعاء، بعدما أظهرت بيانات في القطاع زيادة مخزونات الخام الأميركية، وهو ما يؤجج المخاوف بشأن فائض المعروض، بينما تسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة ومناطق أخرى في إلقاء ظلالٍ من الشك على تعافي الطلب على الوقود.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 11 سنتاً، أو 0.3 في المئة إلى مستوى 42.97 دولار للبرميل. كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 11 سنتاً أو 0.3 في المئة إلى 40.51 دولار للبرميل، لتقبع في النطاق المحدود الذي تحرّكت فيه خلال الأسابيع القليلة الماضية.
في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، حدد محلل النفط الكويتي محمد الشطي، 5 مخاطر تواجه سوق النفط في الوقت الحالي، وتضغط بشدة على الأسعار. تبدأ هذه المخاطر بارتفاع كبير في مخزون النفط الخام الأميركي، في حين كانت التوقعات تشير إلى تراجع وسحوبات، وهي الأهم لأنها أكبر دليل على اتجاه السوق نحو التوازن، إضافة إلى استمرار المخاوف الخاصة بارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، وتأثير ذلك في مسار وتعافي الطلب العالمي.
أمّا العنصر الثالث بقائمة المخاطر فيتمثل في استمرار تراجع هوامش أرباح المصافي وسط تحسُّن أسعار الخام مقابل ضعف المنتجات، خصوصاً المشتقات الوسيطة، وهو ما يعني استمرار التذبذب في الأسعار، إضافة إلى أن شركة “أدنوك” أعلنت رفع مبيعاتها من النفط لأغسطس (آب)، وهو طبيعي لانتهاء فترة الخفض الطوعي، لكن ذلك يؤثر بشكل مباشر في السوق. ويتمثل الخطر الخامس في ارتفاع النفوط من الخليج العربي عن نفط خام برنت، ما يجعل حركة انتقال النفوط من أميركا وأفريقيا أكثر جدوى اقتصاديّاً من النفوط في الخليج، التي تكون أسعارها مرتفعة نسبيّاً.
معطيات إيجابية تدعم استقرار السوق
في المقابل، تحدّث الشطي عن عدد من المعطيات الإيجابية، إذ صدرت تقديرات في السوق تشير إلى أن التزام أعضاء “أوبك +” خلال يونيو (حزيران) فاق مستوى مئة في المئة، وهو ما يرجع إلى الخفض الطوعي الذي قامت به السعودية والإمارات والكويت وعمان، وكذلك جاء إنتاج روسيا عند 8.5 مليون برميل يوميّاً، أي مساوياً الحصة المقررة لها، إضافة إلى تحسُّن مستوى التزام العراق اتفاق خفض الإنتاج.
ولفت إلى أن أنغولا أعلنت موافقتها على تعويض الزيادة في الإنتاج والتزام حصتها المقررة حسب اتفاق “أوبك +، هذا مع ارتفاع مبيعات الولايات المتحدة الأميركية من النفط الخام، مع استمرار تعطُّل إنتاج ليبيا من النفط بسبب حالة عدم الاستقرار.
ولفت إلى وجود مؤشرات إيجابية حول الاقتصاد الأميركي بشأن سوق العمل، مشيراً إلى وجود توقعات بارتفاع معدل تشغيل المصافي رغم تراجع هوامش أرباحها، والزيادة والإيفاء باحتياجات تعافي الطلب على النفط، كما صدرت توقعات لإدارة معلومات الطاقة الأميركية تفيد بأن تعافي الطلب بدأ فعليّاً، الذي ينعكس على سحوبات متوقعة من المخزون النفطي، وبشكل واضح خلال الأشهر المقبلة.
في الوقت نفسه، جاءت تصريحات رئيس وكالة الطاقة الدولية توقع فيها تعافي الطلب إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا. كما أشارت تقارير البيت الاستشاري “فاكتس إنريجي” إلى أن الطلب العالمي لم يبلغ الذروة، وأنه سيشهد تعافياً كبيراً خلال السنوات المقبلة بما يدعم أسعار النفط.
ولفت إلى أن بيوت الاستثمار عززت من إقبالها على شراء عقود النفط في الأسواق الآجلة سواء في نايمكس أو لندن، لافتاً إلى هبوط إنتاج “أوبك” ليونيو بمقدار مليوني برميل يوميّاً، وهو مؤشر إيجابي. كما أن إعلان شركه “أرامكو” أسعار نفوطها لأغسطس يدعم تقييد المعروض، ويرفع أسعار النفط، وأخيراً فإن إنتاج الولايات المتحدة الأميركية في هبوط، وهو أيضاً مؤشر إيجابي.
وبالنسبة إلى التوقعات، ذكر الشطي، أن الأسعار مدعومة، لكنها تتذبذب في ضوء وجود مؤشرات سلبية وأخرى إيجابية، والاعتقاد هو بدء موجة من السحوبات من المخزون النفطي، وتواصلها هو أهم تطوّر يدعم الأسعار خلال المرحلة المقبلة، كما أن هناك تطورات تنتظرها السوق ستؤثر في مجريات الأمور، وهي توقعات وكالة الطاقة الدولية وسكرتارية “أوبك” واجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة الإنتاج لـ”أوبك +”.
كيف تكون الأسعار في 2021؟
في سياق متصل، رفعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لأسعار النفط وإنتاج الخام في الولايات المتحدة خلال العامين الحالي والمقبل. وكشف تقرير التوقعات القصير الأجل الصادر عن الوكالة الأميركية، أنها رفعت تقديراتها لمتوسط سعر “نايمكس” إلى 37.35 دولار للبرميل خلال 2020، بزيادة 6.9 في المئة عن التوقعات السابقة في يونيو الماضي.
وتوقعت الوكالة الأميركية ارتفاع سعر خام “نايمكس” إلى 45.70 دولار للبرميل خلال العام المقبل، بزيادة نسبتها 4.1 في المئة عن التقديرات السابقة. كما رفعت إدارة معلومات الطاقة توقعات سعر الخام القياسي “برنت” بنحو 6.5 في المئة إلى مستوى 40.50 دولار للبرميل خلال 2020.
أسعار النفط ترتفع مع تنامي الثقة في تعهدات خفض الإنتاج
وبالنسبة إلى العام المقبل، رفعت الإدارة الأميركية توقعاتها لخام “برنت” عند مستوى 49.70 دولار للبرميل، بارتفاع 3.8 في المئة عن التقديرات السابقة، كما رفعت تقديرات إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى 11.63 مليون برميل يوميّاً في 2020، بزيادة 0.6 في المئة عن تقديرات الشهر الماضي، كما تتوقع أن يصل إلى 11.01 مليون برميل يوميّاً بارتفاع 1.6 في المئة عن التوقعات السابقة في العام المقبل.
وأظهرت بيانات معهد البترول الأميركي، أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي على عكس التوقعات، بينما تراجعت مخزونات كل من البنزين ونواتج التقطير. وزادت مخزونات الخام 2.05 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الثالث من يوليو (تموز) لتصل إلى 539 مليون برميل، بينما كانت توقعات المحللين تشير إلى هبوط قدره 3.1 مليون برميل.
وقال معهد البترول، إنّ مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينغ بولاية أوكلاهوما ارتفعت بمقدار 2.2 مليون برميل، وهبطت مخزونات البنزين 1.83 مليون برميل. بينما كانت توقعات سابقة تشير إلى انخفاض قدره 2000 برميل.
كما تراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة بنحو 847 ألف برميل، بينما كان من المتوقع أن تنخفض 75 ألف برميل، وأظهرت البيانات أن واردات الولايات المتحدة من النفط الخام الأسبوع الماضي زادت بمقدار 567 ألف برميل يوميّاً.