مؤتمر صحافي لإعلان مشاركة لبنان في معرض العمارة في البندقية 2020 ممثلة داود: التجربة اللبنانية تحمل عناصر مفيدة جدا لتطور عالمنا
أطلقت نقابة المهندسين في بيروت في مؤتمر صحافي عقد في مقر النقابة، مباراة الأفكار للجناح اللبناني في معرض بيانال البندقية للعمارة 2020، في حضور وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ممثلا بمستشارته لين الطحيني، ممثلة سفير إيطاليا في لبنان المستشارة للشؤون الاقتصادية روبرتا ديليوتشا، رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت، نقيب المهندسين السابق صبحي البساط، رئيس اتحاد مهندسي البحر المتوسط UMAR وسيم ناغي، رئيس هيئة المعماريين العرب السابق أنطوان شربل، أعضاء مجلس النقابة المهندسين في بيروت حاليين وسابقين، وحشد من المهندسين والمعماريين وطلاب العمارة.
حداد
بعد كلمة عريف الحفل رئيس رابطة المعماريين في بيروت المعمار عاطف مشيمش الذي تناول أهمية معرض العمارة في البندقية والدور اللبناني المميز في هذا المعرض، تحدث رئيس اللجنة التنظيمية المعمار ايلي حداد فرأى ان “اهتمام وزارة الثقافة كما نقابة المهندسين بالمشاركة الفعلية في هذا الحدث انما هو دليل على القيمة الثقافية للعمل الهندسي، وعلى ضرورة ابراز وجه لبنان الحضاري في هذا المجال، حيث أصبحت العديد من الدول العربية من المشاركين الدائمين، ومنهم البحرين والامارات، وغيرها”.
وقال: “من هذا المنطلق، ومن اجل التأسيس لاستمراية المشاركة اللبنانية، التي حصلت للمرة الأولى في ربيع 2018 بجهد استثنائي من الزميلة هلا يونس، وبدعم من النقابة ووزارة الثقافة في حينها، ارتأينا ان تكون هذه المرة عملية اختيار المشروع الأنسب والأكثر تماهيا مع موضوع بينال لهذه السنة، الذي وضعه الزميل هاشم سركيس بصفته مديره العام والقيم على هذا النشاط الكبير”.
وأشار الى “ان اختيار المجموعة التي ستوكل اليها مهمة تصميم المعرض وتجهيزه والاشراف عليه لن يخضع لاي معايير استنسابية وانما فقط للمعايير التي تم تحديدها في برنامج المسابقة الذي سيعلن عنه اليوم”، مؤكدا “ضرورة ان يكون هذا الجهد جهدا تتضافر فيه المهارات المعمارية مع إمكانيات فنية أخرى تحفز المشاركة الفعلية الاوسع.”
وقال: “انني اذ أتكلم باسم اللجنة المشكلة من الزملاء ايلي خوري، وائل دبس، شوقي فتفت، عاطف مشيمش، وهلا يونس إضافة الى ممثلة وزير الثقافة السيدة لين طحيني يهمني ان أؤكد بأن عملنا سيقتصر على اختيار المشروع الأنسب والأفضل ليس فقط من الناحية التقنية، ولكن أيضا من الناحية الثقافية، بحيث يشكل الجناح اللبناني في هذا المعرض تعبيرا رياديا ومعاصرا وترجمة إبداعية للموضوع الأساسي الذي طرحه الزميل هاشم سركيس وهو: كيف بإمكاننا العيش سوية” بالطبع لا نأمل ان تكون ترجمة هذا السؤال الوجودي يطروحات تبسيطية بل باطار معماري يحفز البحث عن طرق جديدة للعيش معا وعلى هذه الأرض المهددة اليوم اكثر من أي وقت مضى من تحديات التغيير المناخي الى التكاثف السكاني، الى المشاكل الاجتماعية والسياسية. نأمل من هذه التجربة ان يكون الجناح اللبناني على مستوى هذا التحدي، وان يؤسس لمشاركة دورية تفتح المجال للمعماريين والمهندسين ان يظهروا البعد الاجتماعي والثقافي لعملهم، والذي كان عبر التاريخ دليلا على مدى رقي المجتمع ومستوى ثقافته”.
سركيس
وقال منسق عام معرض بينال البندقية للعمارة 2020 المعمار هاشم سركيس في كلمته: “لقد طرح الزميل ايلي كيف يمكننا العيش سويا، او كيف عسانا ان نعيش معا، نحتاج اليوم الى عقد جديد، عقد حول المكان والعمارة والبناء في ضوء اتساع الانقسامات السياسية وتزايد المشاكل الاقتصادية، ندعو المعماريين الى تخيل مساحات يمكننا ان نعيش بها معا بسلام وعطاء، معا كأفراد يتوقون الى التواصل مع بعضهم البعض، ومع الكائنات الأخرى، الى التواصل عبر مساحات خيالية كانت ام حقيقية، معا كأسر جديدة تبحث عن مساكن اكثر تنوعا، معا كمجتمعات ناشئة تصبو الى الانصاف والى الاندماج وتطمح الى هويات معمارية جديدة، معا عبر الحدود السياسية لتخيل جغرافيات جديدة، أخيرا معا ككوكب واحد يواجه أزمات وجودية تتطلب جهدا عالميا يمكننا من التواجد واستمراية العمل”.
أضاف: “في بينال البندقية 2020 نشجع المعماريين المدعوين على اشغال مهن أخرى الفنانين الحرفيين كما السياسيين والصحافيين وعلماء الاجتماع، نتطلع الى دور معماري مهم وهو دور الوصي على العقد، من هنا نطلب من القيمين على الاجنحة المخصصة ان يعالجوا موضوعا او اكثر من موضوعا بينال الخمسة”.
وتابع: “غالبا ما نستعمل سنة 2020 كعلامة فارقة على الطريق كمستقبل افضل، وقد وضعت الكثير من الدول والمدن من بينهم بيروت رؤية 2020 للمستقبل، فها أصبحت امامنا للمستقبل نتطلع الى الخيال المعماري المشع لمواكبة هذا العام وهذه المهام بابداع. بالعودة الى العنوان الرئيسي الجديد عملية عسى بإمكاننا ان نقدم رؤية مستقبلية، ان نعيش ان نزدهر مع الكائنات الحية الأخرى والقيم والمجتمع الخ”.
وتمنى “رفع العمارة بدل الترويج له، التعاون بين الدول بدل التنافس، اقتراح جغرافيات شمولية بدل سياسات اقصائية، عرض افضل مشاريعكم بدل أسوأ مشاكلكم، تسليط الأضواء على عالمية تجاربكم بدل تسليطها على خصوصياتكم”.
تابت
وتناول تابت المعرض ودور لبنان فأوضح أنها “المرة الثانية التي يشترك فيها لبنان في هذا المعرض بعد مشاركته الأولى سنة 2018. لكن ترتدي مشاركتنا اليوم أهمية خاصة كون أمين المعرض الذي عين هذه السنة هو زميلنا المعمار هاشم سركيس، عميد كلية العمارة والتخطيط في جامعة MIT الأميركية”.
وقال: “يدور موضوع المعرض لهذه السنة كما اختاره هاشم سركيس حول إشكالية قد تمثل في الحقيقة السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه بإلحاح في عالمنا اليوم: كيف سنعيش سويا؟ ففي ظل اتساع الانقسامات السياسية وتزايد التفاوت الاقتصادي والاجتماعي، وتراجع قيم العدالة والمساواة، ودخول العالم في عصر الهجرة الكونية، حيث ينتقل عشرات الألوف من بلد إلى آخر ويجوبون البحار هربا من الفقر والجوع والموت، في ظل ما نشهده ايضا من ردود فعل تجنح نحو المزيد من التعصب والانكماش على الذات ورفض الآخر، يتطلب اختيار هذا السؤال ليشكل محور معرض البندقية 2020 جرأة حقيقية اذ أنه يضع الاصبع على مكان الجرح. وهو يخاطبنا نحن المهندسين والمعماريين ولكن أيضا كافة رجال الفكر والثقافة والفن لنتساءل حول كيفية إيجاد السبل التي تسمح بتأسيس هذا العقد المكاني الجديد The new spatial contract الذي يدعو اليه هاشم سركيس. كيف يمكن لنا كلبنانيين أن نجيب على هذا السؤال؟”.
وقال: “لقد حولت الحرب احياء مدننا وحارات بلداتنا الى محاجر طائفية واجتماعية لم يتمكن النهج الذي ساد منذ انتهاء الحرب ولا سياسات الاعمار التي اتبعت خلال العقدين الماضيين من تخطيها بشكل فعلي. فتقوقعت المجموعات على نفسها ونادت باكتشافها لهويات مفقودة ليست في أكثر الحالات سوى انعكاس لعصبية ضيقة وتحول نموذج النوادي الخاصة المغلقة الى نموذج تطمح اليه الطبقات الميسورة، يقابله احتجاز الفئات الشعبية في ضواحي مهملة، فتزايدت شروط التمايز الاجتماعي وتعززت اتجاهات العزلة والانزواء. اذا كان لنا كمهندسين لبنانيين ان ننقل الى العالم شيئاً من تجربتنا، تجربة الحرب والدمار وإعادة الاعمار، فليس من خلال نفي التناقضات والصراعات التي نعيش في خضمها وليس من خلال ترداد أسطوانة العيش المشترك والكلام المعسول حول المصالحة والتسامح، بل من خلال طرح الأسئلة الصعبة التي تسمح وحدها تخيل حيز محتمل يمكننا فيه أن نعيش سويا”.
وتابع: “يمر ذلك أولا عبر إدراكنا أهمية إحياء الحيز العام الذي هو ملك للجميع. حيز يتكون من تجارب مختلفة ومن تعدد الممارسات، تلتقي فيه الهويات الفردية والجماعية دون ان تنصهر، حيز يحتوي على مجموعة قصص تتشابك ببعضها البعض ثم تفترق لتعود وتتشابك من جديد، حيز تتمحور فيه العلاقات المعقدة بين النسيب والغريب، بين المألوف والمغاير، لا يخفي التناقضات ولا يتجاهلها، بل يسمح بالتعبير عنها، فيتحول بذلك الى وسيط يفسح المجال أمام تخطي العنف الكامن في ذاكرة الجماعات. إنه حيز تعدد اشكال الحياة اليومية، حيز التبادل والتفاوض، حيز الافراح والاحزان، حيز العمل واللهو الذي يؤمن تواصل المعاش”.
وختم بالقول: “هذا الحيز، علينا ان نجد أطر جديدة للتعبير عنه، بعيدا عن الخطاب البلاغي والاشكال التقليدية الميتة. بين قلق السؤال واحتمالات الأجوبة، يكمن التحدي الأساسي الذي يواجهنا لتصور الجناح اللبناني في معرض البندقية 2020، والذي نأمل أن تسمح مباراة الأفكار التي نطلقها اليوم تحفيز المهندسين والفنانين والأكاديميين لفتح أفق جديدة تمكننا من تخيل فضاءات وأماكن نعيش فيها سويا”.
الطحيني
وألقت الطحيني كلمة الوزير داود: “يسرني اليوم ان مثل معالي الوزير الثقافة الدكتور محمد داود بهالمناسبة التي تعني الكثير لوزارتنا، إصرار وزارة الثقافة على التعاون مع جميع المؤسسات والجمعيات والنقابات لتفعيل حضور لبنان بالمحافل الدولية، تأتي من قناعاتنا أن اللبنانيين لديهم من طاقات إبداعية ومهنية، قادرة على رسم معالم صورة مشرقة لبلدنا، صورة تعبر بصدق عن تميز أبنائه بمختلف المجالات وعن الحرص على ان يبقى لبنان، بفضل حس المبادرة الكبيرة عند اللبنانيين، عنوان التجدد والنجاح. وفي هذا الاطار ليس من الصدفة تعيين الأستاذ هاشم سركيس مدير بينال فينيسيا لعام 2020 أستاذ هاشم اشكرك لحضورك معنا اليوم، وجودك يعني لنا الكثير ويشجعنا ويحدونا الامل ان تكون الاعمال اللبنانية بفينيسيا 2020 موضع فخر وتميز يليق في لبنان وبالادارة الحدث”.
أضافت: “مباراة الأفكار للجناح اللبناني في معرض بينال العمارة – البندقية التي تطلقها نقابة المهندسين في لبنان بالشراكة مع وزاراتنا تعني ببساطة ان المستوى الأكاديمي والمهني في لبنان عموما وبمجال الهندسة المعمارية خصوصا اصبح بأفضل المعايير العالمي على الرغم من الصعوبات والمحن والأزمات السياسية او الاقتصادية. والفضل في هذا التقدم يعود من دون شك الى إصرار ومثابرة مؤسساتنا التعليمية، العامة والخاصة، ورفضا المساومة على نوعية التعليم، والعمل دوما على رفع المستوى الاكاديمي الذي يفيد لبنان على المدى المتوسط والبعيد، ويضمن لاجيال الطلاب تحصينا كافيا بالعلم يعزز قدرتهم على دخول أسواق عمل منافسة لا ترحم وبمستوى عال جدا”.
أضافت: “لا تنصف الهندسة المعمارية اذا انحصرت بالبناء والعمران، لانه في الجوهر اختصاص يجمع في الوقت ذاته بين العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية، وليس سرا ان للثقافة بشقيها الاجتماعي والانساني دور كبير بتنمية شخصية المعمار الذي يرتبط نجاحه حتما بقدرته على الجمع بين البناء بمعناه الضيق، وبين وقدرته على فهم وترجمة احترام مجموعة من العناصر المجتمعية والإنسانية والتاريخية والبيئية لما ينجز أي عمل”.
وختمت: “موضوع مسابقة هذه السنة “كيف نعيش معا”؟ يعبر بشكل واضح عن معضلات دولية متعددة يحتاج عالمنا الواسع الى فهمها من خلال تقدم أصحاب الاختصاص حول عمرانية تتماشى مع التقدم الكبير الذي يشهده عصرنا الحالي على مختلف المستويات بالربع الأول من القرن ال 21 لكن هذا الموضوع يرتبط أيضا بشكل مباشر بلبنان الذي كان عبر تاريخه وبمحطات كثيرة مهمة مختبرة لمعضلة كيفية العيش معا، وكلنا امل بأن تثبت اعمال المتبارين والفائزين مرة جديدة وبمحفل دولي كبير، ان التجربة اللبنانية تحمل بشقها الإيجابي في هذا المجال تحديدا، عناصر مفيدة جدا لتطور عالمنا”.
مداخلات
ثم ركزت المداخلات والنقاش والاسئلة والاجوبة على أهمية المعرض في تبريز واقع العمارة على المستويات الإنسانية والتاريخية والعمرانية.