رئيس الجمهورية: آمل ان تكون الحكومة العتيدة عيدية رأس السنة
امل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان تكون الحكومة العتيدة عيدية رأس السنة للبنانيين، مؤكدا على انها ستكون من اختصاصيين، وعلى ان من يؤلفها ليس الوزير جبران باسيل، كما يقال، بل من يجب ان يؤلفوها، كما انها لن تكون حكومة حزب الله كما يشيع الاعلام الغربي، بل حكومة جميع اللبنانيين بمن فيهم حزب الله. واعتبر ان ما يحدد لونها هو التأليف.
بدوره، اكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي دعم جهود رئيس الجمهورية وجهود سائر المسؤولين ذوي الارادة الحسنة، وتوجه الى الرئيس عون بالقول: “نحن وكلُّ الشَّعب اللُّبنانيّ نعرف همومكم وأوَّلها تأليف حكومةٍ جديدةٍ إستثنائيَّة لظرفٍ إستثنائيّ تكون حكومة
إنقاذٍ مؤلَّفةً من شخصيَّاتٍ وطنيَّةٍ معروفةٍ باختصاصاتها وكفاءاتها وقدراتها، بحيث تتمكَّنَ من وضع البلاد على طريق الخلاص الاقتصاديّ والماليّ والاجتماعيّ”، راجيا أن يكون عهد الرئيس عون عهدَ خلاصٍ للبنان.
وشدد على وجوب وضع خير الأمَّة والشَّعب فوق كلِّ اعتبار والتَّعالي عن المصالح الخاصَّة، ودعم رئيس الحكومة المكلَّف من أجل تأليف الحكومة العتيدة وفقًا لتحدِّيات لبنان وانتظارات الشَّعب اللُّبنانيّ.
الوصول والخلوة
وكان الرئيس عون وصل الى الصرح البطريركي قرابة التاسعة والدقيقة العشرين من صباح اليوم، واستقبله عند مدخل الصرح المطرانان بولس صياح وحنا علوان. وتوجه على الفور الى صالون الصرح حيث كان في استقباله عند المدخل البطريرك الراعي والمطرانان سمير مظلوم وبيتر كرم بالاضافة الى المطرانين صياح وعلوان.
وبعد التقاط الصور التذكارية، انتقل الرئيس عون والبطريرك الراعي الى مكتب البطريرك حيث عقدا خلوة استمرت نحو نصف ساعة عرضا خلالها لاخر التطورات المحلية في ضوء الاتصالات الجارية لتأليف الحكومة العتيدة بالاضافة الى المساعي القائمة لمعالجة الوضعين المالي والاقتصادي في البلاد.
تصريح الرئيس عون
وبعد الخلوة، غادر الرئيس عون مكتب البطريرك لتنضم اليه اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون التي كانت وصلت الى الصرح البطريركي في وقت لاحق، وتوجه الى الصحافيين الذين تواجدوا في الصرح معايدا اياهم بعيد الميلاد المجيد ومتمنيا ان يعيده الله على جميع اللبنانيين بالخير وان يتجاوز لبنان ازمته الراهنة، كما امل “ان تكون الحكومة العتيدة عيدية رأس السنة”.
ثم دار حوار بين الرئيس عون والصحافيين حيث سئل: هل اطمئن البطريرك الراعي الى مسار الامور؟
اجاب: بالتأكيد.
سئل عن تعليق الرئيس سعد الحريري عن ان الحكومة التي تشكل هي حكومة الوزير جبران باسيل بالاضافة الى تعليق الوزير السابق سليمان فرنجية الذي اتى في هذا السياق فضلا عن عتب الرئيس الحريري على العهد الذي يتصرف، برأيه، وكأن شيئا لم يحصل في البلد، فاجاب: افترضوا جبران باسيل اليس له الحق، اليس هو نائبا ورئيس اكبر تكتل؟ لكن في الواقع لا ليس هو من يؤلفها بل من يجب ان يؤلفوها.
سئل عن الكلام بان العهد يتصرف وكأن شيئا لم يحصل؟
اجاب: هل يريد ان يحسدني على هدوئي كي احافظ على الهدوء في البلد ام على حماقتي التي تجعلني اتصرف بشكل سيء؟
سئل: كيق سيكون شكل الحكومة؟
اجاب: لم نتكلم عن الشكل بعد.
وعن الحديث عن حكومة اللون الواحد، قال الرئيس عون ان اللون ليس بالتكليف، بل ان ما يحدد اللون هو التأليف.
سئل: هل صحيح انكم غير راغبين بان يكون الرئيس الحريري على رأس الحكومة؟
اجاب: الذلك انتظرنا مئة يوم؟
سئل عن وصف الاعلام الغربي الحكومة بانها حكومة حزب الله، اجاب: خطأ، هناك الكثير من الاطراف غير فرحين ويلجأون الى نشر هذا الخبر لامتلاكهم الامكانيات، فالحكومة هي حكومة جميع اللبنانيين بمن فيهم حزب الله.
سئل: هل لا زلتم على رأيكم بان تكون الحكومة تكنوسياسية؟
اجاب: اعتقد لا، اعتقد ستكون من اختصاصيين.
سئل عن رأيه بما يقال بان الميثاقية في لبنان في خطر جراء التكليف الذي حصل والذي لا يحظى بالغطاء السني، فاجاب: انتظرنا مئة يوم ولم يحل المشكلة، اريد ولا اريد كمن يلعب بزهرة المارغريت، ان الحكومة لا تؤلف هكذا.
ثم انتقل رئيس الجمهورية والسيدة عون الى كنيسة الصرح حيث حضرا قداس الميلاد الذي ترأسه البطريرك الراعي وعاونه فيه نوابه العامون وخدمت القداس جوقة ارزة لبنان.
كما حضر القداس النائبان ابراهيم كنعان وروجيه عازار، الوزير السابق زياد بارود رئيس الرابطة المارونية نعمة الله ابي نصر، السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني منصور، قائد الدرك العميد مروان سليلاتي وكبار الموظفين من مدنيين وعسكريين وقضاة، وحشد من المؤمنين.
عظة البطريرك
وبعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة رحب في مستهلها بالرئيس عون واللبنانية الاولى والحضور جاء فيها:
” “لَقَدْ وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ، هُوَ المَسِيحُ الرَّبّ” (لو11:2)
فخامة الرَّئيس
- إنَّها لَفرحةٌ روحيَّةٌ أن نَحتَفِلَ بعيد ربِّنا ومخلِّصنا يسوع المسيح، معكم ومع عقيلتكم اللُّبنانيَّة الأولى، جريًا على العادة الحميدة، ومع سيادة السَّفير البابويّ والأُسرة البطريركيَّة وهذا الجمع من المسؤولين السِّياسيِّين والإداريِّين والمؤمنين والمؤمنات. إنَّ فرحتنا تتَواصلُ منذ بداية البشرى السَّارَّة التي نَقَلَها الملاك لرعاة بيت لحم: “أُبشِّركم بفرحٍ عظيمٍ يكون للعالم كلّه: لقد وُلد لكم اليوم مخلِّصٌ، هو المسيح الرَّبّ” (لو11:2). فيَطِيبُ لي أن أُعبِّر لكم، بإسم هذا الجمهور وبإسمي، عن أَسمَى التَّهاني والتَّمنِّيات بالميلاد المجيد والسَّنة الجديدة 2020، راجين أن تكون سنة خيرٍ ونِعمٍ ونجاح.
- أجل، نَفرَحُ ولكن في القلب غصَّةٌ، لِما آلت إليه حالة وطننا السِّياسيَّة والاقتصاديَّة والماليَّة والاجتماعيَّة. غير أنَّنا نحن أبناء الرَّجاء بالمسيح “عمَّانوئيل”، “إلهنا معنا” الذي لا يَتركُنا لوحدنا نتخبَّط في أزماتنا، بل يُلهِم ذوي الإرادات الصَّالحة من المسؤولين، وأنتم على رأسهم، يا فخامة الرَّئيس، لإيجاد أفضل السُّبُل للخروج من ظلمة الأزمات. ألَيسَ في قلب ذاك اللَّيل أشرق نور المسيح على رعاة بيت لحم ساعةَ وُلد مخلِّص العالم وفادي الإنسان، على ما تنبَّأ أشعيا: “الشَّعب السَّالك في الظُّلمة أبصَرَ نورًا عظيمًا، والسَّائرون في ظلال الموت أشرَقَ عليهم نور”؟ (أش2:9).
- نحن نُصَلِّي وشعبُنا يُصَلِّي من أجل هذه الغاية. فإبن الله صار إنسانًا ليحمِلَ السَّلام إلى الأرض واستودَعَنا هذا السَّلام لكي يلتزم الجميع بصنعه، وتوطيده على أُسُسه الأربعة التي حدَّدَها القدِّيس البابا يوحنَّا الثَّالث والعشرون، وهي: “المحبَّة والعدالة والحقيقة والحريَّة” (سلام على الأرض، الفقرة 89). وزاد عليها القدِّيس البابا بولس السَّادس أساسًا خامسًا هو الإنماء (راجع الرِّسالة العامَّة، “ترقِّي الشُّعوب”، الفقرة 87).
لا يتعايش السَّلام مع الجوع والبطالة والحرمان والظُّلم، ولا مع المناكفات والعداوات والانقسامات، ومع اللَّاإستقرار السِّياسيّ والماليّ والاقتصاديّ، ولا مع السَّعي إلى المصالح الخاصَّة على حساب الصَّالح العامّ. أنتم أدرى بهذه الأمور، يا فخامة الرَّئيس، ونحن ندعم جهودكم في هذا السَّبيل، وجهود سائر المسؤولين ذوي الإرادات الحسنة.
- وصار الإله إنسانًا ليَزرَعَ الرَّجاء في القلوب ويَدعُونا إلى هذا العمل الأجمل في الحياة. بتحقيق السَّلام على الأرض وزرع الرَّجاء في القلوب، يَتِمُّ مجد الله الأعظم في السَّماء، كما أنشَدَ الملائكةُ ليلة ميلاد المخلِّص الإلهيّ: “المجد لله في العلى، وعلى الأرض السَّلام، والرَّجاء الصَّالح لبني البشر”.
فخامة الرَّئيس،
- نحن وكلُّ الشَّعب اللُّبنانيّ نعرف همومكم وأوَّلها تأليف حكومةٍ جديدةٍ إستثنائيَّة لظرفٍ إستثنائيّ: تكون حكومة إنقاذٍ مؤلَّفةً من شخصيَّاتٍ وطنيَّةٍ معروفةٍ باختصاصاتها وكفاءاتها وقدراتها، بحيث تتمكَّنَ من وضع البلاد على طريق الخلاص الاقتصاديّ والماليّ والاجتماعيّ.
أنتم تَدرُون أكثر من غيركم إلى أيَّة حالٍ بلَغَتْ أوضاعنا في هذه القطاعات، وكيف تتراجع الدَّولة وكأنَّها في مسيرة تفكُّكٍ، وكيف تُذَلُّ حياة المواطنين يومًا بعد يوم. ليس الوقت بعد الآن لحساباتٍ شخصيَّةٍ أو مذهبيَّةٍ أو سياسيَّةٍ، فيما مركب الوطن في حالة الغرق. بل يجب وضع خير الأمَّة والشَّعب فوق كلِّ اعتبار، والتَّعالي عن المصالح الخاصَّة. ويجب دعم رئيس الحكومة المكلَّف من أجل تأليفها وفقًا لتحدِّيات لبنان وانتظارات الشَّعب اللُّبنانيّ الذي ما زال يُعبِّر عنها منذ سبعين يومًا بانتفاضةٍ – ثورةٍ في جميع المناطق اللُّبنانيَّة، وبحركةٍ عفويَّة، للدَّلالة على أنَّ الوجع مشتركٌ والصَّوت واحدٌ على تنوُّع المذاهب والانتماءات. فكان مطلبها الأوَّل في سلسلة المطالب التي رُفعَت إلى فخامتكم: “تشكيل سريع لحكومةٍ انتقاليَّةٍ إنقاذيَّةٍ من الاختصاصيِّين المستقلِّين، تتمَّع بصلاحيَّاتٍ إستثنائيَّة” (جريدة النَّهار، الاثنين 23 كانون الأوَّل 2019). إليكم، كرئيسٍ للبلاد وقائدٍ لسفينة الوطن، يتطلَّع اللُّبنانيُّون، من أجل نجاحها والوصول بها إلى ميناء الأمان.
أيُّها الإخوة والأخوات الأحبَّاء،
- في الميلاد، الإله صار إنسانًا من أجلنا ومن أجل خلاصنا. فلننفتح شخصيًّا لهذا الخلاص، فإذا خلُصنا، نستطيع أن نُساهم في خلاص شعبنا ووطننا ومجتمعنا، إنطلاقًا من واقع كلّ واحدٍ وواحدةٍ منّا وموقعه. فالخلاص يَشمَلُ الإنسان بكلِّيَّته روحًا وجسدًا وأخلاقًا، ويَشمَله بكلّ أبعاده الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والمعيشيَّة، وباستقراره السياسيّ والأمنيّ، لكي يعيش بطمأنينةٍ وسعادةٍ. وهذا واجبٌ يقع علينا جميعًا. نرجو أن يكون عهدكم، فخامة الرَّئيس، عهدَ خلاصٍ للبنان.
- نسأل الطِّفل الإلهيَّ، في ذكرى ميلاده، أن يولدَ في قلوبنا، لكي نشهَدَ لمحبَّة الله في عالمنا. بميلاده شاركَنَا في طبيعنا البشريَّة وحالنا، ويُريدنا أن نشاركه في حياته الإلهيَّة “ولقد تأنَّسَ الإله ليؤلِّه الإنسان” (القدّيس أمبروسيوس) بهذا الرَّجاء نهتف: “ولد المسيح هللويا”!
وفي ختام القداس، غادر الرئيس عون واللبنانية الاولى بكركي بعدما قدما التهاني الى البطريرك الراعي.