أسوأ المواد المُستهلكة عند التوتر
عندما يضرب الجوع الشديد أثناء وقوعكم في دوّامة التوتر، فإنّ سَلطة الخضار ليست الوجبة الأولى التي تُفكّرون فيها! غير أنّ اختيار البرغر والبطاطا المقليّة قد لا يكون أفضل حلّ، لا بل إنه قد يزيد الأمور سوءاً وتعقيداً.
أشارت الأبحاث العلمية الأخيرة إلى أنّ الطعام المُستهلك يملك القدرة إمّا على تهدئة التوتر أو مفاقمته. وفي هذا السِياق، علّقت اختصاصية التغذية راشيل نار، من نيويورك، قائلة إنّ «الطعام المستهلك يتحوّل إلى كتل بناء البروتين، والأنزيمات، والخلايا العصبية، والناقلات العصبية، التي تنقل المعلومات والإشارات حول الجسم. وبالتالي، فإنّ الأنماط الغذائية تؤثر في وظيفة الدماغ والجسم».
وتابعت: «إنّ الدراسات تدعم العلاقة بين الطعام والمزاج. وفق دراسة نُشرت عام 2017 في «BMC Medicine»، تمكّنت حمية البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى العلاجات الدوائية، من خفض أعراض الكآبة لدى الأشخاص المُكتئبين. من الواضح إذاً أنّ الطعام يملك القدرة على التأثير في المشاعر. وإذا كانت أطعمة معيّنة تحسّن مشاعر الإنسان، يعني إذاً أنّ هناك مأكولات أخرى تملك تأثيراً مُعاكِساً».
وعرضت في ما يلي أسوأ الأطعمة والمشروبات التي يمكن تناولها أو شربها عند معاناة التوتر:
- الأطعمة فائقة المعالجة
من الشائع زيادة كمية الأكل المستهلكة على الوجبة الغذائية، أو السناك، أو خلال اليوم بسبب التوتر والقلق، واللافت أنّ الأشخاص يميلون إلى الأطعمة فائقة التصنيع التي تحتوي على جرعة عالية من الدهون المهدرجة، والسكّر، والصوديوم، والصبغات و/أو النهكات الصناعية والمواد الحافظة، إستناداً إلى «Harvard Health Publishing». إنها تشمل البيتزا المثلّجة، وألواح السكاكر، والصودا، والتشيبس المنكّه، والكايك المُعدّ كسناك، والحلويات الأخرى التي تكون مغلّفة بالبلاستيك، وبشكلٍ عام أيّ طعام معلّب مُدوّن على غلافه لائحة طويلة بالمكوّنات.
واقترحت الأبحاث وجود صلة بين هذه الأنواع من المأكولات وسوء الصحّة العقلية. ولقد توصّلت دراسة صدرت عام 2018 في «Public Health Nutrition» إلى أنّ الأشخاص الذين استهلكوا أكبر كمية من الأطعمة فائقة التصنيع والمُسبِّبة للالتهاب كانوا أكثر عرضة للكآبة بنسبة 23 في المئة مقارنةً بنظرائهم الذين حصلوا على أدنى جرعة من هذه المواد.
- الكحول
صحيح أنّ هذه المشروبات قد تُهدّئ المشاعر السلبية في الوقت الراهن، إلّا أنها قد تُفاقم التوتر على المدى الطويل. إنّ الكحول عبارة عن مادة اكتئاب معروفة يمكن أن تسبب تغيّرات في المزاج أثناء شربها وأيضاً بعد مرور 6 إلى 48 ساعة من احتسائها. من الشائع الشعور بالقلق، أو الحزن، أو الإرهاق، أو الوحدة بعد نوبات الشرب.
وبالفعل، فقد وجدت مُراجعة نُشرت عام 2019 في «Alcohol Research» أنّ القوارض التي أُجبرت على الانسحاب من الكحول قد سجّلت مستويات أعلى من التوتر والقلق مقارنةً بنظيراتها التي استمرّت في الشرب. وبمعنى آخر، قد يؤدي الإفراط في احتساء الكحول إلى زيادة معدل التوتر بمجرّد زوال المخلّفات. ولكن للتوضيح، فإنّ هذا البحث قد أُجري على الحيوانات، ولا يمكن الجزم أنّ التأثير ذاته سيحدث عند البشر.
- البوظة
في حين أنّ البوظة قد تجلب المشاعر الإيجابية في اللحظة ذاتها، غير أنّ كثرتها قد تُصاحب بعدم الارتياح. فبعد كل شيء، يُقدّر أنّ 30 إلى 50 ميلون بالغ في الولايات المتحدة الأميركية يعانون عجزاً عن هضم اللاكتوز، وفق «National Institutes of Health»، من دون نسيان أنّ سكّر الكحول الموجود في منتجات البوظة منخفضة السعرات الحرارية يؤدي غالباً إلى إجهاد الجهاز الهضمي بشدّة، الأمر الذي بدوره يزيد القلق والتوتر بما أنّ معظم الناقل العصبي «Serotonin»، الذي يضمن المشاعر الجيّدة، يعيش في الأمعاء.
- الكافيين
من الناحية الهيكلية، يُشبه الكافيين مُركّب الأدينوزين الذي يتراكم في الجسم خلال اليوم ويسبب النعاس مساءً. عند شرب الكافيين، فإنه يرتبط بمستقبلات الأدينوزين في الدماغ ويمنع تأثيراته. يسمح هذا الأمر للدوبامين بالتدفّق، ما يجلب مشاعر اليقظة الشديدة. وبالنسبة لبعض الناس، يمكن أن يظهر ذلك على شكل توتر وعصبيّة واضطربات في المعدة.
أمّا عند الأشخاص المعرّضين لنوبات الهلع والقلق، فإنّ آثار الكافيين تكون أكثر جدّية. إذ يمكن أن يؤدي هذا المُنشّط إلى زيادة معدل ضربات القلب، ورفع ضغط الدم، ومعاناة الأرق وزيادة القلق، بحسب دراسة نُشرت عام 2019 في «Clinical Practice & Epidemiology in Mental Health».
ورغم أنّ تحمُّل الكافيين يتغيّر بدرجة كبيرة من شخصٍ إلى آخر، يُنصح بالتحكّم في الجرعة المستهلكة لمزاجٍ مستقرّ. فعند شرب القهوة، يجب عدم الحصول على أكثر من كوبين في اليوم.
- ماذا تأكلون إذاً؟
عندما يتعلّق الأمر بالأكل من أجل محاربة التوتر، ينصح الخبراء باختيار الأطعمة الغنيّة بالفيتامينات والمعادن والمغذيات الأخرى الصديقة للدماغ وتحديداً أحماض أوميغا 3 الدهنية الموجودة في الجوز وبذور الكتان والسلمون… ومصادر البريبيوتك مثل البصل والثوم والهليون والشوفان والموز والتفاح، والفاكهة والخضار التي رُبطت بتحسين الصحّة العقلية خصوصاً الورقيات الخضراء المليئة بالفولات الذي يساعد على إنتاج الدوبامين، والأفوكا الذي يُعتبر بدوره مُضاداً للتوتر بفضل غناه بالفيتامين E وأيضاً البوتاسيوم والفيتامين B6.