دياب: لبنان في حالة طوارئ صحية ونعلن التعبئة العامة الإجراءات المتخذة هي الأعلى والمطلوب الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها
وجه رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب، كلمة إلى اللبنانيين، بعد الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء في قصر بعبدا، قال فيها:
“أيها اللبنانيات واللبنانيون:
إنها أيام عصيبة يعيشها لبنان، المثقل بالهموم وتراكم الأزمات والمشكلات، إنه زمن الصبر، والشجاعة، والعقل، والحكمة، والهدوء، والتبصر.
إنها أيام الرعاية، وحماية الذات، والعائلة، والأولاد، والإخوة، والأخوات، والأصدقاء.
إنه زمن التعاون، واستنهاض الهمم، واستنفار الإمكانات، والتطوع، والمبادرة، والمساعدة، والمساندة، وفعل الخير، وإنقاذ الغير.
إن اللبنانيين يحتاجون اليوم، أكثر من أي يوم مضى، إلى التكاتف، ولطالما كانوا دوما متآزرين في مواجهة الأزمات.
إنني إذ أعبر عن اعتزازي العميق بالجهود التي بذلتها كل المؤسسات، والهيئات، لاحتواء هذا الفيروس الذي يضرب العالم، وتسلل إلى وطننا، ويهدد كل واحد منا، فإنني أدعو كل اللبنانيين إلى أعلى درجات الاستنفار، لكي نحاصر هذا الوباء، والانتصار عليه”.
أشكر بإسمي، وبإسم اللبنانيين جميعا، جميع العاملين في القطاع الصحي: أطباء وممرضين وممرضات ومعاونين، وصيادلة والساهرين على رعاية المرضى ونظافة المستشفيات، والصليب الأحمر اللبناني، والهيئات الأهلية، ومنظمة الصحة العالمية، وكل يد امتدت لمساعدة المصابين، على جهودهم وتفانيهم وتضحياتهم، وشعورهم الإنساني والوطني”.
أيها اللبنانيون:
لقد نجحنا حتى اليوم في إبطاء انتشار الفيروس، منذ أن بدأ يتفشى في العالم اعتبارا من 31 كانون الأول 2019، وضعت استراتيجية علمية وعملية، واستباقية، لحماية اللبنانيين، واتخذت إجراءات استثنائية منذ البداية، وتمكن لبنان من احتواء الموجة الأولى من هذا الفيروس، ومن دون ضجيج، لأننا نقوم بواجبنا، بينما كنا نتعرض لسهام الانتقاد، بسبب إجراءاتنا التي قضت بتعطيل المدارس والجامعات، مع أننا كنا نسبق العالم بتدابيرنا، ونسبق الفيروس بخطوات، وعندما تبينت صحة ما قمنا به، ارتفعت وتيرة المزايدات التي وضعت الاستثمار السياسي أولوية على صحة الناس.
اليوم يعيش لبنان حالة طوارئ صحية، لذلك، تعلن الحكومة التعبئة العامة، وذلك لغاية نهاية يوم 31 آذار 2020، لقد اعتمدنا قرارات متقدمة لوقف السفر الى بعض الدول قبل أن تعلنها منظمة الصحة العالمية، دولا موبوءة، كالدول التالية: ايطاليا، ايران، بريطانيا، مصر، فرنسا، المانيا، سوريا، اسبانيا، حيث قمنا بتعليق دخول الأجانب من هذه البلدان، ووفرنا عودة آمنة للمواطنين وأسرهم، تحت المراقبة الدقيقة من قبل منظمة الصحة العالمية.
اتخذنا اجراءات خاصة في المطار، واستمرينا بتطبيقها لضمان الفحص المناسب للمسافرين القادمين إلى لبنان، من مراقبة الحرارة الى الفحوصات على متن الطائرة الى العزل لمدة أربعة عشر يوما، وعينت وزارة الداخلية فريقا للاشراف على استراتيجية العزل الذاتي وتنفيذها.
لقد طلبنا من جميع المستشفيات الحكومية والخاصة، إعداد خطط للاستعداد للطوارئ، وحددنا مستشفى رفيق الحريري الحكومي كمركز أوحد لاستقبال المرضى، في محاولة للحد من إنهاك جميع المستشفيات والمحافظة الرعاية الصحية للمرضى غير المصابين بفيروس كورونا.
قبل ثلاثة أسابيع اتخذت الحكومة قرارا بإغلاق المدارس والجامعات ودور الحضانة، وقد ثبت أن هذا هو الاجراء الرئيسي للحد من انتشار المرض واحتوائه، منذ عشرة أيام، تم إغلاق مراكز الترفيه كالأندية الرياضية والملاهي الليلية ودور السينما والمعارض والمسارح والمؤتمرات وغيرها، ومنذ أيام، تم إقفال المقاهي والمطاعم والحانات والحدائق العامة ومراكز التزلج وأماكن الترفيه والتسلية على أنواعها، كالملاعب الرياضية العامة والخاصة والمسابح والمنتجعات الصحية وغيرها، كما طلبنا من القطاعين العام والخاص وضع جدول مناوبة بالحد الأدنى للموظفين والعاملين، بشكل يؤمن استمرارية العمل في القطاعات كافة وتنفيذ المعاملات الضرورية للموظفين، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع الاكتظاظ، كما طلبنا من كافة المراجع الدينية اتخاذ أقصى الإجراءات للحد من التجمعات في دور العبادة والمرافق التابعة لها.
كما اعتمدنا تطبيق مبدأ المسافة الآمنة بين الأشخاص، وأصدرنا توصية منذ أسبوع إلى جميع المواطنين لتفادي الأماكن المكتظة، ووقف جميع المناسبات الاجتماعية، والتجمعات في المنازل وخارجها، والخروج من المنازل فقط للعمل وعند الضرورة القصوى، وقد أدت جميع هذه الخطط الى انخفاض كبير في حركة المطار، وانخفاض حركة المرور على الطرقات بنسبة تفوق 80 %.
لقد أعطينا التعليمات الضرورية لتفعيل وحدة ولجان إدارة مخاطر الكوارث والأزمات لدى رئاسة مجلس الوزراء، وأيضا لدى المحافظات، كما توافقنا مع القطاع الخاص لاعتماد خطط مواجهة الطوارئ، بما يؤمن التغطية الواجبة لكافة القطاعات الصحية وغير الصحية وقد بوشر بها، وقد فوضنا إلى كل الادارات الرسمية المختصة اتخاذ جميع التدابير اللازمة بدون أي استثناء، وذلك ضمن ما يتوافر لديها من إمكانات ومعطيات، وذلك للخروج من الأساليب التقليدية الروتينية بغية تأمين الخطط التي تم اعتمادها.
إن الأجراءات والتدابير التي نتخذها لحماية اللبنانيين، هي المستوى الأعلى الذي يمكننا اعتمادها دستوريا، ولم يسبق في تاريخ لبنان أن تم وضعها قيد التنفيذ، ولا معنى لكل كلام خارج هذا السياق، إن المطلوب اليوم من جميع القوى، الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية، والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها، وتقديم الدعم والمؤازرة، كي نستطيع إنقاذ اللبنانيين.
إن الإجراءات التي نتخذها ستؤثر على اقتصادنا لا شك، كما تأثرت اقتصاديات دول العالم، لكن حياة الناس وصحتهم أغلى، وهي أولوية مطلقة، إني أتفهم خوف اللبنانيين، وعلى مدى الأسابيع الماضية، كنت أفكر بكم… الآباء والأمهات.. الاخوة والأخوات.. الأولاد والأحفاد.. أولاد العم وأولاد الخال، والأصحاب، والجيران، وزملاء العمل .. فكرت بكل هؤلاء، بكيفية حمايتهم، بطريقة إنقاذهم، وكما عرفتموني، سأبقى شفافا في إعلان الحقائق كما هي، وسنفعل كل ما في وسعنا لحماية اللبنانيين”.