رئيس الجمهورية: القضاء يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على ان مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد لا تنتهي وهي بدأت بالفعل، وعلى ان اللبناني يعيش اليوم في ظل الحرية والسيادة والاستقلال بالرغم من كل الحروب والضغوط، واننا ” نتحدث باسم لبنان في المحافل الاقليمية والدولية بما يعود بالفائدة على الجميع، دون ان يملي علينا احد ما يجب قوله، او ان يؤثر علينا، بل نحن من يملي ويؤثر”.
ولفت الرئيس عون الى انه تم تحويل ملفات عدة الى القضاء، فالفساد “معشعش في مختلف المؤسسات لكننا سنستأصله وسنعمل على محاربة براعمه التي قد تعود لتنمو”. وشدد على ان الرسالة التي كان وجهها الى الشباب هي تثقيفية، “ولكن التعليم وحده لا يكفي لمواجهة احداث معيّنة كما حصل في الجبل، وهو يحتاج الى القضاء الذي يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية الاجراء”.
مواقف الرئيس عون اتت خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفداً من الانتشار اللبناني في عدد من الدول الاوروبية والاميركية يزور لبنان لقضاء فصل الصيف.
بداية، تحدث السيد مارك انطوان زبّال، مشدداً على دعم توجهات الرئيس عون وفكره وما يقوم به من اجل لبنان واللبنانيين والشباب، واكد على العمل بهدي ما قاله الرئيس عون سابقاً لجهة ان يكون الانتشار اللبناني “ابعاداً لبنانية في الخارج وليس ابعاداً خارجية في الداخل”، وان لبنان في عهد الرئيس عون سيكون سيداً حراً ومستقلاً. واثار زبّال مسألة نواب الانتشار، حيث شدد على تصميم الشباب اللبناني على المشاركة في الانتخابات التي ستجرى في الخارج من اجل دعم المسيرة التي ينتهجها رئيس الجمهورية.
ورد الرئيس عون مرحباً بالوفد، ومثنياً على اهمية الزيارات التي يقوم بها الشباب المنتشر في العالم الى لبنان، ومشيراً الى ان “نبض الانتشار اللبناني يتجلى فيكم، انتم الذين تحملون رسالة لبنان اينما حللتم”. وشدد الرئيس عون على اهمية الحفاظ على الولاء للدول التي احتضنت المنتشرين، دون ان يتعارض ذلك مع الابقاء على التعلق بالوطن الام وبالجذور، “فنحن نتشارك وتلك الدول القيم ونتعاون في الامم المتحدة، حتى في ظل بعض الخلافات السياسية التي لا بد ان تمرّ فتبقى الحقيقة”.
وفي معرض النقاش الذي دار بين رئيس الجمهورية واعضاء الوفد، ورداً على سؤال عن الاجراءات المتخذة للانطلاق بالاصلاح والمدة الزمنية التي يحتاجها، اعتبر الرئيس عون ان هذه المسيرة لا تنتهي، و”قد بدأناها وعليكم، انتم الشباب، اكمالها بعد ان تتسلموها. وقد بدأت مسيرة الاصلاح بالفعل بعد ان كانت تحتاج الى تدابير لم توضع موضع التنفيذ، وتم فرض الامن والعدل وهناك امور اخرى تحتاج الى وقت اكبر لتتحقق على غرار السياحة مثلاً، والوضع الاقتصادي الذي يحتاج الى بنية من عناصر عدة (كتسويق الانتاج واسترداد الاسواق الخارجية). واللبناني اليوم يعيش في ظل الحرية والسيادة والاستقلال بالرغم من كل الحروب والضغوط التي واجهتنا، وهذا ما نتحدث به باسم لبنان في المحافل الاقليمية والدولية بما يعود بالفائدة على الجميع، من دون ان يملي علينا احد ما يجب قوله، او ان يؤثر علينا، بل نحن من يملي ويؤثر”.
وتابع الرئيس عون: “نتوجه كل عام الى الامم المتحدة للدفاع عن مواضيع اساسية، وهناك هذه المرة حدث كبير في تاريخ لبنان اذ ستصوّت الامم المتحدة في 13 ايلول المقبل على مشروع تقدمنا به، بالغ الاهمية للبنان والعالم، ويساهم في ارساء السلام وهو انشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”. فالسلام سابقاً كان يوضع على الورق فقط ولذلك كان هشاً ويسقط في كل مرة، اما ما ندعو اليه فهو سلام نابع من القلب ويقوم على معرفة وتفهم الآخر الى اي جنسية او طائفة او فكر انتمى اليه، ويجب بالتالي ان تعمّ ثقافة السلام وهو ما يصبح ممكناً من خلال تخريج طلاب عبر هذه الاكاديمية. وبذلك يبقى لبنان وفياً لعراقته وتنوع مكوناته. ويمكنكم المساعدة في هذا المجال من خلال التسويق لهذا المفهوم ولهذه الاكاديمية، كما يمكن ان تكونوا اساتذة في الاكاديمية في مرحلة لاحقة.”
وسئل الرئيس عون عن نشر لبنان لثقافة السلام في وقت لا يزال فرقاء فيه لا يؤمنون بها ويعمدون الى قطع الطرقات ومنع زيارات لوزراء الى مناطق لبنانية، فأوضح رئيس الجمهورية ان “هدف الرسالة التي
وجهها للشباب منذ فترة هو تعليم من تنقصه هذه الثقافة، ولو تصرفوا بموجب مضمونها لما كانت هناك من مشكلة، وبالتأكيد لا يحتاج احد الى “اذن خاص” للتجول في بلده، ومن يرفض العدالة يرفض المجتمع الذي لا يمكنه العيش في الفوضى. لذلك فإن الرسائل التي نوجهها من حين الى آخر تثقيفية، اما ما حصل فتترتب عليه نتائج قضائية وهو سلك طريقه في هذا المجال حالياً لان التعليم وحده لا يكفي، وهو يحتاج الى القضاء الذي يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية الاجراء. فلا تخافوا طالما هناك من يضبط الوضع، فالمخالفات ستقمع عند حصولها، لانه حتى في المجتمعات المتطورة هناك حزم في التعاطي لضبط المخالفات”.
وأكد الرئيس عون ردا على سؤال حول محاربة الفساد ان هذه العملية قد انطلقت بالفعل وتم تحويل ملفات عدة الى القضاء، مشيرا الى انها مسيرة مستمرة وستتواصل لكنها تتطلب وقتا لتؤتي ثمارها “لأن الفساد معشعش في مختلف المؤسسات، لكننا سنستأصله، وسنعمل على محاربة براعمه التي قد تعود لتنمو. من هنا فإن هذه العملية يجب ان تكون مشروع تربية متواصلة تبدأ منذ الصغر.” واشار رئيس الجمهورية الى ان الامر يتطلب ايضا اجيالا عدة تتربى على نظام قيم جديدة تقوم على الوفاء للوطن والعمل من اجله، لا الحصول على الحاجات بالسرقة، “من هنا وجوب التربية على الفكر السليم في المجتمع والمناعة الاخلاقية”، آملا “ان تواصل الاجيال الشابة العمل الذي بدأناه.”
ودعا الرئيس عون ردا على سؤال آخر، الشباب اللبناني الى الالتزام بما اوصاهم به في الرسالة التي وجّهها اليهم قبل ايام، مشددا على “ان الوضع الاقتصادي ليس بالسوء الذي يصوره البعض، فما من موظف الا وقبض راتبه والدولة تفي بكافة التزماتها”، معتبرا “ان ما يشاع هو مجرد شائعات من شأنها ان تثير بعض النفوس، وهي غير صحيحة ولا هدف لها الا تصوير الوضع على انه سيء، وهذا امر مضر بالجميع على حد سواء.”
الى ذلك، شهد قصر بعبدا سلسلة لقاءات سياسية واجتماعية، تركز البحث فيها على التطورات الاخيرة وسبل معالجتها.
النائب فؤاد مخزومي
وفي هذا الاطار، استقبل الرئيس عون رئيس “حزب الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي، واجرى معه جولة افق تناولت مواضيع الساعة. وبعد اللقاء تحدث النائب مخزومي فقال: “جددنا التأكيد على ضرورة وضع خطة ورؤية اقتصادية للسنوات المقبلة، لاسيما وان البنك الدولي والهيئات الاقتصادية العالمية ينتظرون منا الكثير، عدا عن الوعود للدول المانحة في “سيدر” بإنجاز إصلاحات هيكلية حقيقية في الاقتصاد”، داعياً أن تقر موازنة 2020 في موعدها وبالإصلاحات المطلوبة. وشدد مخزومي على ضرورة التئام الحكومة،
مؤكداً “أن من غير المقبول تجميد الجلسات في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها البلد مهما كانت الحجج والذرائع، فالمحيط الإقليمي متفجر وعلينا توخي الحذر الشديد مما يرسم للمنطقة”.
وثمَّن مخزومي موقف رئيس الجمهورية في عيد الجيش من اتفاق الطائف، مؤكداً أنه يتوافق مع الرئيس عون على أن الدستور يصون حقوق الجميع. وقال: “حسناً فعل فخامته بنقل النقاش حول المادة 95 إلى مجلس النواب، بديلاً عن السجالات العقيمة خارج المؤسسات الدستورية”.
الوزير السابق ناجي البستاني
والتطورات السياسية عرضها الرئيس عون مع الوزير السابق ناجي البستاني الذي قال بعد اللقاء: “ان الوضع دقيق ويستدعي المسؤولية من الجميع. وفخامة الرئيس المؤتمن على الاستقرار الداعم لدولة القانون والمؤسسات والحريص على الوطن بمكنوناته كافة وبالعيش الواحد فيه وبسلمه الاهلي، لم يأل جهدا بالتعاطي مع الوضع متمسكا بهذه الثوابت، وهو يواكب المساعي التوفيقية الخيرة من جانب سلطات وقيادات سياسية كي تقترن بالخواتيم الايجابية المرجوة انطلاقا من تحقيقات اولية واستنطاقية تلتزم القواعد والمعايير القانونية، وصولا لاحقاق الحق عبر المرجعيات القضائية المختصة، مما يعزز الاستقرار على الاصعدة كافة لمواجهة ما تشهده المنطقة من احداث ومخططات وما يواجهه لبنان من تحديات”.
المطران شارل مراد
واستقبل الرئيس عون اسقف الدائرة البطريركية للسريان الكاثوليك المطران شارل مراد، وعرض معه الاوضاع العامة وشؤونا كنسية واجتماعية.
القنصل العام انطوان عقيقي
وعرض الرئيس عون مع القنصل العام لمالاوي في لبنان الدكتور انطوان عقيقي العلاقات اللبنانية- المالاوية وسبل تطويرها بين البلدين. وخلال اللقاء وجه القنصل عقيقي دعوة الى رئيس الجمهورية لحضور تدشين كنيسة المهد- سيدة الزروع التي شيدت في “جنائن الشمس” في كفرذبيان.
رعية مار سمعان العمودي في القليعات
واستقبل الرئيس عون، في حضور النائب روجيه عازار، كاهن رعية مار سمعان العمودي في القليعات الاب يوسف مبارك مع اعضاء لجنة الوقف، حيث عرضت حاجات البلدة والرعية. ووجه الوفد دعوة الى رئيس الجمهورية لحضور القداس الذي سيقام يوم الاحد اول ايلول المقبل، لتكريس بازيليك مار سمعان
العمودي في القليعات بعد اعادة اعمارها وترميمها. وسوف يترأس الذبيحة الالهية فيها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.