على هيئة إنسان..تعرف إلى أول فنانة “روبوت” في العالم
من الممكن أن تكون قد سمعت عن الروبوتات التي تجيد التنظيف، أو تجيد الفحص الطبي، ولكن هل سمعت من قبل عن فنانة “روبوت”؟
وتعد “Ai Da” أول فنانة “روبوت” على هيئة إنسان في العالم، وتبتكر لوحات خاصة بها من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي.
وفي مقابلة مع CNN بالعربية، يقول البريطاني إيدن ميلر، صاحب الفكرة والمتخصص في الفن الحديث، إن فكرة ابتكار إنسان آلي عبارة عن فنان خطرت له منذ عدة سنوات، مشيراً إلى أن عمله داخل صالات العرض على مدار أكثر من عشرين عاماً قاده إلى التساؤل حول طبيعة الفن، وبعد قراءة العديد من الكتب حول هذا الموضوع توصل إلى استنتاج مفاده أن الذكاء الاصطناعي سيكون أحد أهم التطورات في مستقبلنا.
ويوضح ميلر: “كنت مهتماً بالدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في عالم الفن، وكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الجديدة على العالم في المجمل”.
وبالاستعانة بفريق دولي من المهندسين وعلماء الحاسوب والمبدعين، تم إطلاق أول روبوت فنان فائق الواقعية في العالم يتمتع بالقدرة على إنشاء أعمال فنية إبداعية، وفقاً لما ذكره ميلر.
ومع ذلك، يؤكد ميلر أن الهدف من مشروع “Ai-Da” ليس إنشاء شخصية فنان روبوت ذاتي التحكم ومبدع، إذ لا وجود للحكم الذاتي الكامل، وإنما يعد مشروع فني طليعي له تأثيرات من “الدادائية” و”ما بعد الحداثة”، يدفع حدود التفاعل والإبداع بين الإنسان والذكاء الاصطناعي.
وعن سبب اختيار اسم “Ai-Da”، يشير ميلر إلى أنه مستوحى من اسم عالمة الرياضيات وأول مبرمجة حاسوب في العالم، آدا لوفلايس، مضيفاً: “كنا نظن أنه اسم مناسب لأول فنان روبوت واقعي في العالم”.
ويتمثل الغرض من “Ai-Da” في أمرين، الأول تجربة العمليات الفنية لتحدي مفاهيمنا عما هو ممكن بشكل إبداعي وفني. أما الثاني فهو مناقشة استخدامات التقنيات المستقبلية، وفقاً لما قاله ميلر.
ويشرح ميلر أن “هناك تطبيقات جيدة وسيئة للذكاء الاصطناعي”، مضيفاً: “كإنسان آلي يستخدم الذكاء الاصطناعي ويدمجها، نعتقد أن Ai-Da ستكون المتحدث المثالي لإبراز الاعتبارات الأخلاقية المهمة”.
وتعد أعمال “Ai-Da” تجريدية بدرجة كبيرة ومجزئة، لتعبر عن عدم اليقين في القرن الحادي والعشرين في شكله الحالي.
وتنتج “Ai-Da” عدداً من الأعمال الفنية المختلفة من الرسومات بالقلم الرصاص، واللوحات الزيتية، والمنحوتات، والخطوط الرسومية إلى فن الأداء وحتى الشِعر.
ويوضح ميلر أن “Ai-Da” تعمل بمفردها وبالتعاون مع البشر أيضاً، كما أن أسلوب رسمها تفسيري، وهو متأثر بفناني القرن العشرين مثل بابلو بيكاسو.
ويضيف ميلر: “يعكس أسلوبها فترة حكاياتنا وحقائقنا المكسورة وغير المتسقة، وعدم اليقين الذي نواجهه بينما تتعثر بيئتنا ونكافح لتوجيه القوى التكنولوجية الناشئة نحو مصلحة كوكبنا وسكانه، بدلاً من الإضرار به”.
وتعمل “Ai-Da” في مجموعة متنوعة من الوسائط، وتستخدم عدداً من العمليات الفنية المختلفة، فهي رسامة وفنانة أداء، كما تبتكر منحوتات ولوحات كبيرة بالتعاون مع البشر.
ومن أجل الرسم، تستخدم “Ai-Da” الكاميرات في مقلة عينيها، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى ذراعها الآلي.
وتختار عينا “Ai-Da” وجهاً لرسمه مما تراه أمامها، ثم تتم معالجته بواسطة خوارزميات الرسم المصممة خصيصاً للذكاء الاصطناعي، والتي صممها كل من الباحث المصري صلاح العبد والمهندس المصري زياد عباس.
ويشرح المهندس المصري زياد عباس، لموقع CNN بالعربية، أن “Ai-Da” تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي المخصصة لبناء لوحاتها الإبداعية، جنباً إلى جنب مع خوارزميات الرؤية الحاسوبية الذكية التي تعالج كل ما تراه “Ai-Da”، سواء كان ذلك شخصاً، أو منظراً طبيعياً أو حياةً ثابتة.
ويتابع عباس: “تولد الخوارزميات انطباعاً مشوهاً عن تلك الرؤية، مما يعطي Ai-Da أسلوبها الفريد”.
ويشير عباس إلى أن هذا التشويه ليس مقصوداً فحسب، بل كان في الواقع جانباً حاسماً في تطوير قدرات “Ai-Da”، ما يسمح لها برسم الشخص عدة مرات مع جعل الأعمال الفنية تبدو مختلفة كلياً في كل مرة.
وبعد ذلك، يتم تحويل هذا الانطباع إلى نقاط على الرسم البياني الديكارتي الذي ينتج الصورة النهائية، ويتم إرسال هذه الإحداثيات إلى ذراعها الروبوتية اليسرى، القادرة على رسم تلك الصورة كسلسلة من جرات القلم على اللوحة لإنتاج العمل الفني، بحسب ما ذكره عباس.
ويستغرق رسم صورة بقلم رصاص من “Ai-Da” ما بين 35 دقيقة إلى ساعةٍ وربع الساعة، بينما تستغرق لوحاتها ومنحوتاتها وقتاً أطول بكثير.