بلغ عدد الاصابات بوباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي بدأ في الصين، أكثر من 800 ألف شخص حتى الآن، وعصفت آثاره السلبية وتكاليفه الباهظة بكافة قطاعات الأعمال وكبريات الشركات فيأنحاء العالم.
وفي تحليل للاقتصاد العالمي نقدم مجموعة من الحقائق التي تساعد في فهم التأثير الاقتصادي للوباء حتى الآن.
تضرر الأسهم العالمية
يمكن للتحولات الكبيرة في أسواق الأسهم، حيث يتم شراء وبيع أسهم الشركات، أن تؤثر على العديد من الاستثمارات، خاصة في المعاشات التقاعدية أو حسابات التوفير الفردية.
وشهدت مؤشرات FTSE وداو جونز الصناعي ونيكي انخفاضات هائلة منذ بداية تفشي الوباء في 31 ديسمبر/كانون الأول.
وحقق مؤشرا داو جونز وFTSE مؤخرا أكبر انخفاض لهما في يوم واحد منذ عام 1987.
ويخشى المستثمرون من أن يؤدي تفشي وباء كورونا إلى تدمير النمو الاقتصادي، وألا تكون الإجراءات الحكومية كافية لوقف التراجع.
واستجابة لهذا الوضع، قررت البنوك المركزية في العديد من الدول خفض أسعار الفائدة.
ومن المفترض أن تؤدي هذه الخطوة نظريا إلى تقليل تكلفة الاقتراض، وبالتالي تشجيع الإنفاق، ثم تعزيز حالة الاقتصاد.
كما شهدت الأسواق العالمية تعافيا بعد أن أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون المساعدات المالية لمواجهة وباء كورونا بقيمة 2 تريليون دولار لمساعدة العمال والشركات.
لكن مع هذا حذر بعض المحللين من أن الأسواق قد تشهد تقلبا إلى أن يتم احتواء الوباء.
ووصل عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانة البطالة إلى مستوى قياسي في الولايات المتحدة، مما يشير إلى نهاية عقد من التوسع لأكبر اقتصاد في العالم.
قطاع السفر بين الأكثر تضررا
تعرضت صناعة الطيران لأضرار بالغة، مع تراجع حركة الطائرات، وخفضت شركات الطيران الرحلات الجوية، وألغى المسافرون حجوزات رحلات العمل والعطلات.
كما فرضت الحكومات حول العالم قيودا على السفر في محاولة لاحتواء الوباء.
وحظر الاتحاد الأوروبي دخول المسافرين القادمين من خارج دول الاتحاد لمدة 30 يوما في خطوة غير مسبوقة لإغلاق حدوده بسبب وباء كورونا.
وفي الولايات المتحدة، منعت إدارة الرئيس دونالد ترامب دخول المسافرين القادمين من المطارات الأوروبية إلى الأراضي الأمريكية.
وتكشف البيانات المستمدة من خدمة تتبع الرحلات الجوية Flight Radar 24 أن عدد الرحلات التجارية على مستوى العالم قد تأثر سلبا بشكل كبير.
كما أعرب خبراء صناعة السفر في بريطانيا عن مخاوفهم بشأن عدم استقبال السياح الصينيين.
فخلال 12 شهرا انتهت في سبتمبر/ أيلول الماضي، زار بريطانيا حوالي 415 ألف صيني، وفقا لموقع VisitBritain.
وينفق المسافرون الصينيون ثلاثة أضعاف ما ينفقه أي زائر أو سائح آخر في بريطانيا، بمتوسط 1680 جنية استرليني في كل زيارة.
تخزين المواد الغذائية
وبعيدا عن التراجع، سجلت المتاجر، وخدمات التوصيل عبر الإنترنت نموا كبيرا في الطلب، مع اتجاه المستهلكين إلى تخزين السلع، وخصوصاً ورق التواليت والأرز وعصير البرتقال مع استمرار التحذير من امتداد مدة العزل المنزلي وتنامي انتشار الوباء.
تأثير الإغلاق واضح
من أجل وقف انتشار وباء كورونا المستجد، بدأت العديد من دول العالم اتخاذ تدابير صارمة للغاية. تم فرض حظر وإغلاق صارم على البلدان والعواصم، ما أدى إلى توقف تام لعمالقة الإنتاج الصناعي.
ونتيجة لتراجع الحركة سجلت وكالة الفضاء الأوروبية انخفاضا كبيرا في نسبة التلوث في السماء الأوروبية.
وتُظهر الصور الجديدة بوضوح كيف انخفضت بشدة الانبعاثات الكربونية في أجواء المدن الكبرى في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة باريس وميلانو ومدريد.
تباطؤ المصانع في الصين
في الصين، حيث ظهر وباء كورونا المستجد كوفيد-19 لأول مرة، انخفض الإنتاج الصناعي والمبيعات والاستثمار في أول شهرين من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.
وتستحوذ الصين على ثلث التصنيع على مستوى العالم، وهي أكبر مُصدر للسلع في العالم.
وأثرت الإجراءات الصارمة على سلسلةالتوريد للشركات الكبرى مثل الشركة المصنعة للمعدات الصناعية JCB وشركة إنتاج السيارات.
وشهدت المتاجر وشركات بيع السيارات انخفاضا واضحا في الطلب.
على سبيل المثال، انخفضت مبيعات السيارات الصينية بنسبة 86 في المائة في فبراير/شباط.، واتجهت شركات مثل تسلا أو جيلي، لبيع السيارات الآن عبر الإنترنت حيث يبتعد العملاء عن صالات العرض.
حتى الاستثمارات “الأكثر أمانا” تأثرت
عندما تحدث أزمة، يختار المستثمرون في الغالب استثمارات أقل مخاطرة. ويعتبر الذهب تقليديا “ملاذا آمنا” للاستثمار في أوقات الشك والاضطرابات.
ولكن حتى سعر الذهب تراجع لفترة وجيزة في مارس/آذار، وخشي المستثمرون من الركود العالمي.
وبالمثل، تراجع النفط إلى أسعار لم تشهدها الأسواق منذ يونيو/حزيران 2001.
ويخشى المستثمرون من أن الانتشار اللامحدود للوباء سيضرب الاقتصاد العالمي والطلب على النفط.
وكانت أسعار النفط تعاني بالفعل بسبب الخلاف بين منظمة أوبك وروسيا. وتسبب الوباء في انخفاض جديد للأسعار.
تراجع ملحوظ في النمو
إذا كان الاقتصاد ينمو، فهذا يعني بشكل عام، المزيد من الثروة والمزيد من الوظائف الجديدة.
يمكن قياس النمو الاقتصادي من خلال مراقبة النسبة المئوية للتغير في الناتج المحلي الإجمالي، أو قيمة السلع والخدمات المنتجة، عادة خلال ثلاثة أشهر أو سنة.
وهناك تحذيرات من أن الاقتصاد العالمي سيعاني من أكبر تراجع في النمو منذ الأزمة المالية عام 2009، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
وتوقعت المؤسسة البحثية نموا بنسبة 2.4 فقط فقط في 2020، منخفضة من 2.9 في المائة في نوفمبر/كانون الثاني.
وقالت أيضا إن تفشي المرض “لفترة أطول وأكثر كثافة”، يمكن أن يخفض النمو العالمي إلى 1.5 في المائة في عام 2020 نتيجة تعليق المصانع نشاطها وبقاء العمال في المنزل في محاولة لاحتواء الفيروس.