“ليست نذير شؤم”.. الغربان ضيوف لدى سكان بيروت
على عكس اعتبارها نذير شؤم وخراب، اعتاد اللبنانيون رؤية طيور الغربان بعد أن باتت ضيفا مستمرا في سماء العاصمة بيروت.
ومؤخرا، انتشرت وتكاثرت طيور الغربان بشكل لافت في بيروت، حتى أصبحت تجمعاتها مشهدا معتادا على الأرصفة والأبنية وأعمدة الإنارة وأسوار الكورنيش البحري.
والغراب، جنس من الطيور ينتمي إلى فصيلة الغرابيات، وينتشر في العديد من دول العالم، وتتعدد أنواعه وأشكاله وفصائله، ويغلب عليه اللونان الأسود والرمادي.
ورغم لونها الفاحم ونعيقها الصاخب واعتبارها في العديد من الأساطير دلالة على التشاؤم والحزن والخراب، يرحب سكان بيروت بطيور الغربان ويقدمون لها الطعام.
وفي حديث للأناضول، يقول أيمن شاهين، أحد سكان بيروت، إنه يلاحظ تجمعات لطيور الغربان في أكثر من مكان بالعاصمة، مضيفا أن “هذا الأمر غير مألوف بالنسبة لنا، ولم نكن نلاحظ وجودها بهذه الكثافة مسبقا”.
ويضيف شاهين “هي ظاهرة غريبة ولافتة، ونعتقد أن هذه الطيور سيطرت على المنطقة وباتت تنتشر في كل مكان”.
بدوره، يقول أحمد الكردي من بيروت: “في الماضي كان تواجد غراب أو اثنين أمرا لافتا، أما الآن فأصبح مشهد تجمع 20 و30 غرابا اعتياديا”.
ويضيف الكردي للأناضول: “نشاهدها يوميا وتعودنا على تواجدها بكثافة بيننا، ولاحظنا مؤخرا تكاثرها في فترة ما بعد الحجر المنزلي الذي فرض بسبب جائحة كورونا”.
ويؤكد أن سكان بيروت أصبحوا يألفون رؤية الغربان ويلقون إليها فتات الطعام على الأرصفة والأسوار وبين الصخور على الشاطئ.
من جانبه، يعتبر إسماعيل شعيب أن انتشار الغربان في العاصمة بيروت بات مرحبا به لأنها طيور غير مؤذية، بعكس ما هو سائد عنها في الأساطير والخرافات.
ويضيف شعيب: “تحلق وتتنقل بيننا طوال النهار، نلاحظ أنها تأكل فضلات الطعام التي يتركها المارة”.
ويشير إلى أن “بعض رواد المطاعم والمقاهي والكورنيش أصبحوا يهتمون لأمر تلك الطيور، ويسعون للحفاظ على تواجدها بإحضار قطع الخبز لإطعامها”.
ولم تصدر السلطات أو جمعيات بيئية في بيروت أي إفادة حول أسباب انتشار طيور الغربان، غير أن روجيه سعد، المسؤول الإعلامي في جمعية “حماية الطيور” بلبنان، رجح أن يكون حظر جائحة كورونا هو السبب وراء ذلك.
ويقول سعد، للأناضول، إن “الحظر الذي فرض عدة أشهر متتالية جعل تلك الطيور تشعر بالأمان بعيدا عن حركة البشر، ما جعلها توسع رقعة انتشارها وتبني أعشاشها على بعض الأبنية، وعلى ما تبقى من أشجار في المدينة”.
ويضيف: “أما اليوم، فيبدو أن تلك الطيور اعتادت على الناس وباتت تقترب منهم أكثر، كما أن معظم الناس اعتادت جودها بينهم، وباتت العلاقة متبادلة فلم يعد أحدهم يخشى الآخر”.
ويوضح: “تلك الطيور تقتات على بقايا المأكولات وقطع الخبز، بالتالي فهي تقوم بدور أشبه بعمال النظافة وتعد صديقة للبيئة وللإنسان”.
ويتابع: “تلك الطيور في لبنان كانت تعاني في الماضي من القتل العشوائي وسرقة أعشاشها بغية الاتجار بفراخها وبيعها لمحلات الطيور، لكن تصدي القوى الأمنية وتنامي الوعي وضع حداً لتلك الممارسات”.
ويرى خبراء لبنانيون أن انتقال الغربان من موطنها في المناطق الزراعية إلى الحضرية جاء نتيجة التوسع العمراني في الريف، ما دفع تلك الطيور إلى اعتياد تواجد البشر وتناول بقايا الأطعمة والتجمع في الحدائق العامة والشواطئ.