“عارية” بيكاسو إلى الضوء بعد 118 سنة على اختفائها… بفضل الذكاء الاصطناعي
كُشف عن لوحة لامرأة عارية تحت لوحة أخرى رسمها بابلو بيكاسو، من خلال استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا التصوير المتقدمة والطباعة ثلاثية الأبعاد.
وتُعرَف هذه اللوحة بـ”المرأة العارية الوحيدة” (The Lonesome Crouching Nude). وقد أعادت شركة “أوكسيا بالوس” (Oxia Palus) التي تستخدم التكنولوجيا لإعادة إحياء الفن المفقود، بتشكيل هذا العمل، وفقًا لبيان أرسلته إلى CNN.
وكان بيكاسو رسم لوحة “وجبة الرجل الكفيف” (The Blind Man’s Meal) فوقها، عام 1903. وقد تمّ الكشف جزئيًّا عن المرأة العارية من خلال استخدام صور مركبة من الأشعة السينية (XRF)، لكن، بحسب البيان، تمكّنت “أوكسيا بالوس” من “إعادة الحياة إلى العمل المخفي”.
ولتحقيق ذلك، استخدمت الشركة تقنية المسح بالأشعة السينية ومعالجة الصورة، من أجل الكشف عن آثار اللوحة المخفيّة، ثم درّبت الذكاء الإصطناعي على خصائص الرسم لدى بيكاسو بهدف إضافة ضربات فرشاة للوحة، مستخدمة تقنيّته.
ونتج عن ذلك حقلًا علويّا للوحة يحدّد تركيبتها، ثم استخدمت تقنية الطباعة الثلاثية البعد لإعادة تشكيل اللوحة على قماش للرسم.
وقد أسّس شركة “أوكسيا بالوس” كل من جورج كان وأنطوني بو راشد، وهما طالبا شهادة الدكتوراه في مجال دراسة تكنولوجيا تعلّم الآلة (Machine Learning) في جامعة كوليج لندن (University College London).
وقال بو راشد لـCNN، إنّ الفن هو مخزن لمعلومات معقدة، وتكنولوجيا تعلّم الآلة تطوّرت إلى درجة في إمكانها المساعدة في تحليل المعلومات، موضحًا: “حاليًا، طوّرنا نظامًا معقدًا في إمكانه مساعدتنا لفهم تاريخنا وثقافتنا على نحو أفضل”.
وأضاف بو راشد أنّه، في حين يساعد المسح بالأشعة السينية الكشف عن لوحات رُسِم فوقها، يأتي الذكاء الاصطناعي ليضيف مستوىً آخر لتحليلنا.
ويعود تاريخ لوحة العارية الوحيدة إلى حقبة بيكاسو الزرقاء، التي استهلّ بها مساره الفني. ووفقًا لكان، لم يكن الفنان يرغب بالرسم فوقها، موضحًا في بيان: “عندما رسم بيكاسو لوحة المرأة العارية الوحيدة ووجبة الرجل الكفيف، كان فقير الحال وكانت مواد الرسم باهظة الثمن، لذا يرجّح أنه كان متردّدًا في الرسم فوق لوحته الأولى”.
وأضاف أنّ وجه هذه المرأة يظهر في لوحة بيكاسو “الحياة” (La Vie) وفي بعض رسوماته، ما يشير إلى أنّ الرسّام كان مقرّبًا منها.
وجاء على لسان كان في البيان “آمل أن يكون بيكاسو سعيدًا لمعرفته أنّ الكنز الذي أخفاه لأجيال تلت، تمّ الكشف عنه بعد 48 سنة على وفاته، و118 عامًا على إنجازه”.
وقال تي مورفي، الاختصاصي في فنّ بيكاسو والذي يعمل في شركة “دوموس آرت أدفايزر”، ومقرها لندن، أنّ اللوحة التي أعاد تشكيلها الذكاء الاجتماعي تبدو كأنّها تعود إلى حقبة بيكاسو الزرقاء، لكن بعد التدقيق الدقيق سيكتشف أي خبير على الأرجح أنها ليست اللوحة الأصلية.
ولفت إلى أنّ التطور المستمر في تكنولوجيا تعلّم الآلة، وتقنية الطباعة الثلاثية البعد، سيقدم أعمالًا أكثر دقة في المستقبل. مضيفًا: “لنعطها الوقت”، ومؤكدًا أنّه “مع ازدهار هذه التكنولوجيات، فإنها ستكون أكثر إقناعًا تدريجيًا”.
وبينما انتقد بعض من هم في عالم الفن هذه المقاربة، يرى مورفي أن لا ضرر في استخدام تكنولوجيا تعلّم الآلة من أجل إنتاج أعمال جديدة، مضيفًا: “أظهر التاريخ أن الناس سيحاكون دومًا أعمال الفنانين الآخرين”، ولافتًا إلى أنه “اكتشاف لذهنيّة بيكاسو”.
ومن جهة أخرى، قال دافيد ديبورا، المشرف على دراسات الماجيستير في اختصاص “القيّمون والتجمعات الفنية” في جامعة “تشيلسي كولد للفنون” في لندن (Chelsea College of Arts)، إن “كل من تسحره أعمال بيكاسو سيكون متحمّسًا لهذا الكشف، وسيرحب بهذا الاستخدام للتكنولوجيا في العمل على هذه اللوحة”.
ولكنه طرح سؤالًا مفاده ما إذا كان هناك فعلًا حاجة لطبع هذا العمل على قماش الرسم، أم كان في الإمكان الوصول إليه أكثر إذا بقِيَ لوحة رقمية.
وأوضح أنّ “هناك الكثير من الناس الذي لن يتمكّنوا من رؤية طبعات فنية محدودة، حتى لو كانت معروضة في متحف قريب”.
وتابع: “من خلال تسليط الضوء على لوحة المرأة العارية الوحيدة كاكتشاف رقمي مخصّص للعالم الافتراضي، كان في وسعنا جلب كل جوانب فن بيكاسو لملاقاة الحقائق الجديدة للقرن الـ21”.
وسيُعرض هذا العمل الفني في “Deeep AI Art Fair” في لندن من الأربعاء إلى الأحد المقبل.