الرئيس عون وجه رسالة الى الرئيس بري دعا فيها لمناقشة المجلس النيابي المادة 95 من الدستور
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رسالة وجهها اليوم الى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري الى مناقشة مجلس النواب وفقا للاصول، المادة 95 من الدستور ولاسيما منها الفقرة “ب” الواردة تحت عنوان ” وفي المرحلة الانتقالية”، معطوفة على الفقرة “ي” من مقدمة الدستور وفقا لقواعد التفسير الدستوري وذلك حفاظا على ميثاقنا ووفاقنا الوطني وعيشنا المشترك وهي مرتكزات كيانية لوجود لبنان وتسمو فوق كل اعتبار، مع حفظ حقنا وواجبنا الدستوريين من موقعنا ودورنا وقسمنا، باتخاذ التدبير الذي نراه متوافقا والدستور في المسائل المطروحة في الرسالة. واعرب الرئيس عون عن امله في ان يساهم تفسير مجلس النواب في الاضاءة الوافية له ولاي سلطة دستورية معنية بالمسائل التي وردت في الرسالة.
واتت رسالة الرئيس عون في ضوء اللغط الذي رافق اقرار المادة 80 من موازنة العام 2019 لاسيما الفقرة الاخيرة منها، ما يتطلب جلاءه، خصوصا ان نقاشا مستفيضا حصل بين المكونات السياسية حول الخلل الميثاقي في اعتماد نتائج المباريات التي تضمنتها المادة 80 المذكورة في قانون الموازنة للعام 2019، وابتكرت حلولا- او كانت في طور الابتكار – لتفادي هذا الخلل قبل تدخل المشترع، فضلا عن ان مشاريع المراسيم المعنية لم تصدر بسبب الخلل المذكور الذي شابها بشكل فاضح.
نص الرسالة
وفي ما يأتي نص رسالة الرئيس عون الى الرئيس بري واعضاء مجلس النواب:
الموضوع : تفسير المادة 95 من الدستور، لاسيّما الفقرة «ب» منها الواردة تحت عنوان «وفي المرحلة الانتقاليّة» حيث «تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكريّة والأمنيّة والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني …»، معطوفةً على الفقرة «ي» من مقدّمة الدستور التي تنصّ على أن «لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك».
المرجــع : المادة 53 (فقرة 10) من الدستور والمادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب.
بعد التوجه بالتحية إلى رئاسة مجلس النواب وأعضائه المحترمين،
وعملاً بالمادة 53 (فقرة 10) من الدستور والمادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب،
نتوجه إلى مجلسكم الكريم بواسطة رئيسه بالرسالة الآتية لاتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب بشأن موضوعها:
ورد في المادة الثمانين من القانون رقم 144 تاريخ 31/7/2019 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019) مقطع أخير فيها ينصّ على أن «يحفظ حقّ الناجحين في المباريات والامتحانات التي أجراها مجلس الخدمة المدنيّة بناءً على قرار مجلس الوزراء وأعلنت نتائجها حسب الأصول بتعيينهم في الإدارات المعنيّة»، وذلك كاستثناء عما أقرّته المادة الثمانون المذكورة من وقف التوظيف والتعاقد في الإدارات والمؤسسات العامة،
وبما أنّ هذا النصّ، على إطلاقه، يعني الأخذ بكامل هذه النتائج المعلنة من دون أيّ اعتبار أو تحفّظ، إن لجهة مرور الزمن القانوني عليها أو لجهة أيّ أخطاء قد تعتريها أو لجهة آثار أيّ مراجعات قضائيّة بشأنها أو لجهة أيّ تداعيات على انتظام العمل الإداري في ضوء حاجات الإدارات المعنيّة وتطورها أو انحسارها بعد مضيّ وقت على نتائج المباريات، أو، وهذا هو الأهمّ الذي يعني بالمباشر مجلسكم الكريم، لجهة مناهضة نتائج المباريات «مقتضيات الوفاق الوطني» التي يجب مراعاتها حتماً في معرض إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة على ما أتى ذكره في موضوع هذه الرسالة، ما يقتضي معه من مجلسكم الكريم تفسير محدد لعبارة «مقتضيات الوفاق الوطني»، الواردة في المادة 95 من الدستور، معطوفةً على الفقرة «ي» من مقدمته، لاسيّما في ضوء آثارها على الوظيفة العامة في ما يعني موضوع رسالتنا هذه،
وبما أنّ المادة 95 من الدستور تلحظ «خطة مرحليّة» تؤدّي إلى إلغاء الطائفيّة – حيث لا يقتصر الإلغاء على الطائفيّة السياسيّة – في ضوء صراحة النصّ، كما تلحظ «مرحلة انتقاليّة»، تلغى خلالها قاعدة التمثيل الطائفي بحيث يعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة «وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني» باستثناء وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها حيث تكون مناصفةً بين المسيحيين والمسلمين، ما يقتضي معه تحديد هذه المرحلة الانتقاليّة من حيث حلولها من عدمه في ضوء انتفاء أيّ إجراء لوضع «الخطة المرحليّة» أو لتشكيل الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة، ما يعني بالمبدأ ان هذه المرحلة الانتقالية لم تبدأ بعد،
وبما أنّ المادة 95 من الدستور، معطوفة على الفقرة «ي» من مقدمته التي تنصّ على أن «لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، إنما هي مادة ميثاقيّة بامتياز ومستقاة من وثيقة الوفاق الوطني
تحت فصل «2-الإصلاحات السياسيّة» والبند «ز» منه المعنون «إلغاء الطائفيّة السياسيّة»، حيث اعتبرت الوثيقة أنّ هذا الإلغاء هو هدف وطني أساس يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحليّة،
وبما أنّ مقدّمة الدستور مستقاة حرفيّاً من استهلاليّة وثيقة الوفاق الوطني المعنونة «المبادئ العامة والإصلاحات»، وهي سلسلة المبادئ التي يرتكز عليها نظامنا السياسيّ،
وبما أنّ هذه المبادئ والنصوص الميثاقيّة هي مرتكز وفاقنا الوطني وقد أصبحت دستوراً بالتعديل الدستوري الصادر بتاريخ 21/9/1990،
وبما أنّ مقدّمة دستورنا تنصّ صراحةً في الفقرة «هـ» على أنّ «النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها»، وقد اناط الدستور السلطة المشترعة بهيئة واحدة هي مجلس النواب، والسلطة الإجرائيّة بمجلس الوزراء، وجعل رئيس الجمهوريّة مؤتمناً على الدستور وقوانين الأمّة اللبنانيّة، ائتماناً وجوبيّاً وتحت القسم، لاسيّما إجرائيّاً في المساحة المتروكة لتقديره واستنسابه في مسار المرسوم العادي الذي لا يمكن الالتفاف عليه أو اختزال دائرته أو اختصارها تحت أيّ مسمّى، كما هي الحال عند إنشاء الحقوق والأوضاع القانونيّة في الوظائف العامة في الفئات ما دون الفئة الأولى، تلك الوظائف المعنيّة بالمقطع الأخير من المادة الثمانين من القانون رقم 144 تاريخ 31/7/2019 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019)،
وبما أنّ ما يؤيّد كلّ ما سبق أنّه حصل نقاش مستفيض بين المكوّنات السياسيّة حول الخلل الميثاقي في اعتماد نتائج المباريات التي تضمنتها المادة الثمانون المذكورة من قانون موازنة عام 2019 وابتكرت حلولا – أو كانت في طور الابتكار – لتفادي هذا الخلل، قبل تدخّل المشترع على النحو المذكور، فضلاً عن اللغط الذي حصل عند اقرار المادة المذكورة،
وبما ان مشاريع المراسيم المعنية لم تصدر بسبب الخلل المذكور الذي شابها بشكل فاضح،
من هذه المنطلقات جميعها، نتوجه إليكم، دولة الرئيس، بهذه الرسالة لمناقشتها في مجلس النواب الكريم وفقاً للأصول واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار بشأنها، ما يستدعي تفسير الدستور، وتحديداً المادة 95 منه معطوفة على الفقرة «ي» من مقدمته، وفقاً لقواعد التفسير الدستوري، وذلك حفاظاً على ميثاقنا ووفاقنا الوطني وعيشنا المشترك، وهي مرتكزات كيانية لوجود لبنان وتسمو فوق كل اعتبار، مع حفظ حقّنا وواجبنا الدستوريين من موقعنا ودورنا وقسمنا، باتخاذ التدبير الذي نراه متوافقاً والدستور في المسائل التي أثرنا في رسالتنا هذه، علّ تفسير مجلسكم الكريم يساهم في الإضاءة الوافية لنا ولأيّ سلطة دستوريّة معنيّة بالمسائل المذكورة.