رسالة لجميع دول العالم.. لماذا تفشى كورونا بسرعة كبيرة في إيطاليا؟
في 27 فبراير، عندما كان عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في إيطاليا أقل من 400 وحالات الوفيات أقل من 100، طالب زعيم الحزب الديمقراطي الحاكم، نيكولا زينغاريتي، الناس بممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
بعد 10 أيام، حين وصل عدد الضحايا إلى 5883 إصابة و233 قتيلًا، نشر رئيس الحزب، مقطع فيديو جديد، هذه المرة لإبلاغ إيطاليا أنه مصاب بالفيروس أيضاً.
واليوم، يوجد في إيطاليا أكثر من 53 ألف إصابة مسجلة وأكثر من 4800 حالة وفاة، وبهذا أصبحت روما متفوقة على الصين مركز تفشي المرض في عدد الوفيات، لتصبح مركزًا لانتشار الوباء.
وأرسلت الحكومة الجيش لفرض حظر في لومباردي، المنطقة الشمالية في وسط التفشي، حيث تراكمت الجثث في الكنائس.
كما أعلن رئيس الوزراء غوزيبي كونتي خطوة جذرية أخرى رداً على ما وصفه بأصعب أزمة في البلاد منذ الحرب العالمية الثانية وهي إغلاق مصانع الإنتاج غير الضروري، وهي تضحية اقتصادية هائلة تهدف إلى احتواء الفيروس .
لماذا تفشى المرض؟
والسؤال لماذا تفشى المرض في إيطاليا بهذا الشكل الكبير، حتى أصبح خارج السيطرة؟
على الرغم من بعض الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة الإيطالية، إلا أنها كانت متأخرة ومتخبطة، لأنها حاولت الحفاظ على الحقوق المدنية الأساسية والاقتصاد، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ففي بداية الأمر عزلت بعض المدن ثم المناطق ثم أعلنت إغلاق البلاد، لكنها خطوات جاءت متأخرة عن مسار الفيروس، وفقاً للصحيفة.
ساندرا زامبا، وكيل وزارة الصحة الإيطالية، بدورها قالت للصحيفة إن إيطاليا بذلت قصارى جهدها نظرا للمعلومات التي لديها: “لقد أغلقنا بشكل تدريجي، كما تفعل أوروبا”، مؤكدة أن فرنسا وإسبانيا وألمانيا والولايات المتحدة تفعل الشيء نفسه، فكل يوم تتخلى عن القليل من الحياة الطبيعية، لأن الفيروس لا يسمح بالحياة الطبيعية.
وأشارت إلى أن المسؤولين ترددوا في اتخاذ قرارات صارمة ومؤلمة على الشعب مثل العزل في وقت مبكر مما ساعد على تفشي الفيروس.
وأضافت أن الحكومات خارج إيطاليا الآن تتبع نفس المسار وتكرر نفس الأخطاء، مما يشير إلى احتمال تكرار نفس الكارثة في دول أخرى، وكل هذا من أجل الخوف على الحريات والديمقراطية الغربية.
خيال علمي
من جانبهم، دافع المسؤولون الإيطاليون عن قرارتهم، مؤكدين أن الأزمة لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، وأن الحكومة استجابت بسرعة وكفاءة، فعملت فورًا بناءً على نصيحة علماءها وتحركت بسرعة أكبر في الإجراءات الصارمة والمدمرة اقتصاديًا مقارنة بنظرائهم الأوروبيين.
وقد أكدت الصحيفة الأميركية أن الحديث عن سرعة وصرامة القرارات في إيطاليا ليس صحيحا، ففي الأيام الأولى الحرجة من تفشي المرض، سعى رئيس الحكومة وغيره من كبار المسؤولين إلى التقليل من شأن التهديد.
وأشارت إلى أنه حتى عندما اعتبرت الحكومة الإيطالية أن إغلاق إيطاليا ضروريًا لهزيمة الفيروس، فشلت في تحقيق ذلك، وفشلت في إقناع الإيطاليين بالإلتزام بالتعليمات والبقاء في المنزل.
بدوره، قال والتر ريكياردي، عضو مجلس إدارة منظمة الصحة العالمية وكبير مستشاري وزارة الصحة: “فرض العزل وإغلاق المدن ليس سهلاً في الديمقراطية الليبرالية”، مؤكداً أن الحكومة الإيطالية تحركت بسرعة أكبر وأخذت التهديد على محمل الجد أكثر من جيرانها الأوروبيين أو الولايات المتحدة.
أما السيدة زامبا، وكيل وزارة الصحة، قالت إن إيطاليا نظرت إلى ما يحدث في الصين، ليس كتحذير عملي، بل كفيلم خيال علمي ليس له علاقة بها، مضيفة أن أوروبا عندما انفجرت بالفيروس نظرت لها أوروبا بنفس الطريقة.
وأوضحت أنه في يناير الماضي، كان بعض المسؤولين اليمينيين رئيس الحكومة على عزل أطفال المدارس في المناطق الشمالية الذين كانوا عائدين من العطلات في الصين، وهو إجراء يهدف إلى حماية المدارس، وكان العديد من هؤلاء الأطفال من عائلات المهاجرين الصينيين، إلا أن هذه الخطوة انتقدها العديد من المسؤولين واعتبروها تهديدا شعبويا يشيع الخوف في البلاد ورفضوا الاقتراح.
أول إصابة
كانت أول إصابة لشخص يبلغ من العمر 38 عاماً، عندما شعر بأعراض أنفلونزا حادة، وذهب إلى مستشفى في أحد قرى مقاطعة لودي في لومباردي، لكنه رفض البقاء في المستشفى.
بعد ذلك ثبت أن هذا الشخص مصاب الفيروس وساهم في نقل العدى إلى عشرات الأشخاص في مقاطعته.
مأساة إيطاليا تعتبر بمثابة تحذير لكل دول العالم بضرورة اتخاذ التدابير الصحية من عزل المناطق المتضررة والحد من حركة السكان وتطبيقها بصرامة، بسرعة كبيرة للحد من تفشي المرض.