ليست طائرة عادية..تعرف إلى أكبر مختبر طائر في أوروبا
من الخارج ، تبدو هذه الطائرة كأي طائرة ركاب صغيرة أخرى، ولكن بمجرد دخولك، يتضح أن هذه ليست طائرة نموذجية.
وتحل المعدات العلمية محل غالبية صفوف المقاعد، وبدلاً من مخازن الأمتعة العلوية، توجد الأنابيب والأسلاك. وبدلاً من المسافرين، يجلس علماء الأبحاث.
هذه ليست طائرة عادية، إنها أكبر مختبر طائر في أوروبا.
ويتم تشغيل المختبر المتنقل جواً بواسطة مرفق المملكة المتحدة لقياسات الغلاف الجوي المحمولة جواً، ويمكن العثور عليه يجوب السماء حول العالم.
وتساعدنا هذه الطائرة من خلال أبحاثها على فهم تحديات مثل تلوث الهواء، وتغير المناخ، والطقس القاسي بشكل أفضل.
وأوضح رئيس مرفق المملكة المتحدة لقياسات الغلاف الجوي المحمولة جواً آلان وولي لـ CNN أن “قياس التأثيرات الفيزيائية والكيميائية في الغلاف الجوي، يُظهر النماذج المناخية، ويطلعنا على كيفية تغير المناخ بمرور الوقت”.
وأضاف وولي:”نحاول فهم كيفية عمل البيئة (من خلال) الغلاف الجوي حتى نتمتع بالمسؤولية عن القرارات التي نتخذها للحفاظ عليها”.
وبدأ مرفق المملكة المتحدة لقياسات الغلاف الجوي المحمولة جواً، وهو جزء من المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي، في استخدام مختبر الطائرة النفاثة في عام 2005، وأكمل منذ ذلك الحين أكثر من 15،000 رحلة، غطت مساحة مليوني ميل.
صنع مختبر في السماء
ولم تبدأ الطائرة مشوارها كمختبر طائر، إذ أنها في الأصل طائرة ركاب تجارية من نموذج “بريتش ايروسبيس 146” أعيد تشكيلها، وهو نموذج استخدمته العديد من شركات الطيران، بما في ذلك شركة طيران “إيزي جيت” البريطانية، ولا تزال تستخدمه حتى اليوم الناقلات الإقليمية. وقامت شركة “بي إيه إي سيستمز”، المختصة في الصناعات الجوية والدفاعية، بتعديلها لتلبية احتياجات مرفق المملكة المتحدة لقياسات الغلاف الجوي المحمولة جواً.
وأثناء الرحلات البحثية، يمكن للطائرة أن تحمل ما يصل إلى 18 عالماً. ويمكن أن تصل إلى ارتفاعات تبلغ 35،000 قدم، وتنخفض لتحلق على ارتفاع يصل إلى 50 قدماً فوق المحيط، لفهم التفاعلات المعقدة بين الغلاف الجوي والبحر بشكل أفضل.
وبسبب المهارة المطلوبة لقيادتها، غالباً ما يقود الطائرة طيارون متقاعدون من الخدمة في سلاح الجو الملكي.
ولتقليل المخاطر عند الطيران على ارتفاع منخفض، تتمتع الطائرة بهيكل جناح مرتفع يضيف ثباتاً ويرفع محركاتها بعيدًا عن الأرض. وتحتوي الطائرة على خزانات وقود طويلة المدى وقدرات إقلاع وهبوط قصيرة، مما يسهل الوصول إلى المطارات الأصغر والمواقع البعيدة.
كما تم تجهيزها بحوالي أربعة أطنان من المعدات لتمكين البحث المتطور.
ويوضح وولي: “تم تفريغ النوافذ ولديها فتحات مخصصة لامتصاص الهواء لغرض تحليل المكونات الغازية، مثل تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون”.
ويتم التقاط جزيئات السحب، والدخان، والضباب، والغبار البركاني، والملوثات عن طريق مجسات أخذ العينات التي تتدلى من الأجنحة، ثم يتم إحضارها إلى الطائرة لتحليلها، بينما يتم تحليل الجسيمات التي يصعب قياسها، مثل الغبار الصحراوي أو رذاذ ملح البحر، بواسطة أدوات خارج الطائرة أثناء طيرانها.
ويقول وولي إن الطائرة “تشبه إلى حد ما سكين الجيش السويسري”، لأنه يمكن إعادة تشكيلها لتلبية الاحتياجات البحثية المختلفة.
وفي عام 2010، أدى ثوران بركاني ضخم في إيافيالايوكل، أيسلندا، إلى إغلاق المجال الجوي في جميع أنحاء أوروبا، مما كلف صناعة الطيران أكثر من مليار دولار. وتم إطلاق المختبر الطائر لمسح الغلاف الجوي بحثاً عن علامات الرماد.
وبعد عامين، ساعدت الطائرة شركة الطاقة “توتال” في استجابتها لتسرب الغاز في منصة إلجين على بعد 150 ميلًا قبالة سواحل اسكتلندا، من خلال قياس مستويات غاز الميثان في الهواء.
وقد يساهم عملها أيضاً في إنقاذ الأرواح. وفي عام 2016، نفذ مرفق المملكة المتحدة لقياسات الغلاف الجوي المحمولة جواً مهمة لدراسة الرياح الموسمية في الهند، من أجل استيعاب أفضل لكيفية تطور الغيوم بمرور الوقت، والتنبؤ بأنماط هطول الأمطار، وهو عمل يقول وولي إنه يمكن أن يساعد في ضمان الأمن الغذائي.
ويعمل الفريق حالياً على مشروع لمراقبة ممرات الشحن في شمال المحيط الأطلسي لقياس تأثير اللوائح الجديدة التي تحد من انبعاثات الكبريت للسفن في المياه الدولية، وستساعد البيانات في تحليل تأثير الشحن على الصحة والمناخ.
وبسبب جائحة فيروس كورونا، أُجلت العديد من المشاريع، ولكن الفريق يأمل في مواصلة عمله في وقت لاحق من هذا العام.
ويشير وولي إلى أن الهدف الحقيقي هو فهم المناخ بشكل أفضل.
ويضيف وولي: “ستساعدنا هذه المعلومات على اتخاذ قرارات أفضل لتقليل التأثير الذي قد تحدثه تأثيرات الغلاف الجوي على المجتمع”.