كيف يمكن للهندسة المعمارية أن تساعد في حل أزمة الإسكان، وبناء مستقبل أكثر استدامة؟ وفي بلدة ماسا لومباردا الصغيرة بإيطاليا، أكملت شركة “Mario Cucinella Architects” نموذجاً أولياً لمنزل يهدف للقيام بالأمرين معاً، وذلك عبر الجمع بين أحدث التقنيات، وأقدم المواد المستخدمة لبناء المساكن.
ويُعد المنزل، الذي يُدعى “TECLA”، أول منزل مطبوع ثلاثي الأبعاد مصنوع من الطين، ويأمل المصمم ماريو كوتشينيلا، أن يصبح تصميمه خياراً قابلاً للتطبيق لإيواء الأشخاص الذين يفتقرون إلى السكن الملائم بسبب المشاكل المالية، أو النزوح.
وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، تم تصور عدد من المنازل والمجتمعات المطبوعة بالتقنية ثلاثية الأبعاد.
وبينما بُنيت الهياكل السابقة باستخدام الخرسانة، أو مواد تركيبية مثل البلاستيك، بُني منزل “TECLA” من التربة المتوفرة في الموقع، ممزوجةً بالماء، وألياف من قشور الأرز، ومواد رابطة.
ويعتقد كوتشينيلا أن هذا النهج يمكن تكراره في أجزاء مختلفة من العالم، وباستخدام أي مواد محلية متاحة.
ولدى الطباعة بالطين بعض التحديات، إذ أنه يجف بشكل أبطأ من الخرسانة سريعة الجفاف.
ويمكن طباعة التصميم خلال 200 ساعة، ولكن، قد يستغرق خليط الطين عدة أسابيع حتى يجف، ويعتمد ذلك على المناخ، وفقًا لكوتشينيلا.
ومع ذلك، فإن مرونة البرنامج في استخدام التربة المتاحة، وسهولة البناء تعني أن “TECLA” يمكن أن تكون مناسبة لتوفير السكن في بلدان مختلفة.
مزج التقاليد والتكنولوجيا الجديدة
وبناء المنازل من التراب ليس أمراً جديداً، وفقاً لكوتشينيلا، إذ قال: “كان التحدي يكمن حقاً في استخدام مادة قديمة في تاريخ العمارة مع تقنية جديدة للعثور على شكل جديد للمنازل”.
ولتحقيق ذلك، قامت طابعات “Crane WASP” بخلط الماء مع التربة المحلية، وطبعت النموذج الأولي لـ”TECLA”، والذي وصلت أبعاده إلى 60 متراً مربعاً.
ويشتمل التصميم على مساحتين دائريتين متصلتين ببعضهما البعض.
ويتضمن المنزل غرفة معيشة، وغرفة نوم، وحمام.
ولكن الفكرة وراء “TECLA” ليست بالضرورة تكرار التصميم ذاته في أي بيئة، بل التعديل عليه بحسب الموقع.
وأكد كوتشينيلا أن عملية البناء، باستخدام آلات “WASP” للطباعة الثلاثية الأبعاد، يمكن تعليمها بسهولة، واستخدامها على نطاق واسع.
ولا يرى كوتشينيلا أن تصميمه سيكون مستقبل جميع المنازل على كوكب الأرض، ولكنه قال إن ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد تمنح الأشخاص درجة من الحرية في كيفية القيام بالأشياء دون الارتباط بصناعة كبيرة ومحترفة.
أهداف محايدة الكربون
ويعتقد كوتشينيلا أن الطباعة ثلاثية الأبعاد بالمواد الطبيعية قد تكون أداة تكنولوجية مهمة، إذ تعمل أوروبا على تحقيق هدفها المتمثل في الحياد المناخي بحلول عام 2050.
ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة للبيئة والوكالة الدولية للطاقة في عام 2020، فإن البناء والتشييد تقع عليهما المسؤولية فيما يخص 38% من جميع انبعاثات الكربون في العالم.
ويزعم كوتشينيلا أن منزل “TECLA” قليل النفايات، فغلافه قابل للتحلل (التركيبات الإضافية مثل الأبواب والنوافذ ليست كذلك)، كما أن عملية بنائه تستخدم طاقة أقل بكثير من بناء منزل عادي.
وعند التحدث عن الاستدامة، نحن بحاجة أيضاً للتفكير في عملية البناء لأنها تستهلك الكثير، وتطلق انبعاثات عالية من ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لكوتشينيلا.